للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أقول: إننا نتحدَّى أبا ريَّة أن يجمع عشر حكايات مختلفة يثبت أن أبا هريرة رواها عن كعب، فأما إخوانه؛ فعبد الله بن سلام لا يطعن فيه مسلم، وتميم الدَّاري قريب منه، ولعله لا يثبت لأبي هريرة عن كلٍّ منهما إلا خبر واحد.

وذكر كلامًا من تهويله تُعْرَف قيمتُه من النظر في شواهده.

قال: (فقد روى الذهبي في «طبقات الحفاظ» في ترجمة أبي هريرة أن كعبًا قال فيه، أي في أبي هريرة: ما رأيت أحدًا لم يقرأ التوراة أعلم بما فيها من أبي هريرة. ورواية البيهقي في «المدخل» من (١) طريق بكر بن عبد الله عن (٢) أبي رافع أن أبا هريرة لقي كعبًا فجعل يحدّثه ويسأله، فقال كعبٌ: ما رأيت رجلًا لم يقرأ التوراة أعلم بما في التوراة من أبي هريرة).

أقول: هي حكاية واحدة. فالذي في كتاب الذهبي: «الطيالسي أخبرنا عِمْران القطّان عن بكر بن عبد الله عن أبي رافع ... » فذكرها. وعمران القطان ضعيف ولا يتحقق سماعه من بكر، وفي القرآن والسنَّة قصص كثيرة مذكورة في التوراة الموجودة بأيدي أهل الكتاب الآن، فإذا تتبَّعها أبو هريرة وصار يذكرها لكعب كان ذلك كافيًا لأن يقول كعب تلك الكلمة، ففيم التهويل الفارغ؟

[ص ١٣٠] قال: (ومما يدلك على أن هذا الحبر الداهية قد طوى أبا هريرة تحت جناحه حتى جعله يردّد كلامَ هذا الكاهن بالنص ويجعله حديثًا مرفوعًا ما نورد لك شيئًا منه، روى البزار [عن أبي سلمة] عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إن الشمس والقمر ثوران في النار يوم القيامة. فقال الحسن: وما ذنبهما؟ فقال [أبو سلمة]: أحدِّثك عن رسول الله


(١) في كتاب أبي ريَّة «في». [المؤلف].
(٢) فيه «بن». [المؤلف].