للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما ابن كثير فإنما قال: «فكأنَّ هذا الحديث مما تلقَّاه أبو هريرة عن كعب عن صُحُفه فوهم بعض الرواة فجعله مرفوعًا إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وأكَّد رفعه بقوله: أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيدي». فابن كثير جعل هذه الجملة من زيادة الراوي الواهم، وهو «أيوب» في حَدْس البخاري. وهذا أيضًا لا يمسّ أبا هريرة، ولكن الصواب ما تقدم.

ثم قال أبورية ص ١٧٦: (وروى البخاري عن أبي هريرة أن رسول الله قال: من عادى لي وليًّا فقد آذنته بالحرب، وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيء أحبّ إليَّ مما افترضته عليه، وما زال عبدي يتقرَّب إليَّ بالنوافل حتى أحببته، فكنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورِجْلَه التي يمشي بها ... وما تردَّدْت عن شيء أنا فاعله تردُّدِي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته (١)).

أقول: هذا الخبر نَظَر فيه الذهبيّ في ترجمة خالد بن مخلد من «الميزان» (٢) وابن حجر في «الفتح» (٢٩٢: ١١) (٣)؛ لأنه لم يُرْوَ عن أبي هريرة إلا بهذا السند الواحد: «محمد بن عثمان بن كَرَامة (٤)، حدثنا خالد بن مخلد حدثنا سليمان بن بلال، حدثني شَريك بن عبد الله بن أبي نَمِر عن عطاء عن أبي هريرة». ومثل هذا التفرُّد يريب في صحَّة الحديث، مع أنّ خالدًا له مناكير وشَرَيكًا فيه مقال. وقد جاء الحديث بأسانيد فيها ضعف من حديث عليّ ومعاذ وحذيفة وعائشة وابن عباس وأنس. فقد يكون وقع


(١) في كتاب أبي ريَّة: «إساءته». [المؤلف].
(٢) (١/ ١٦٣ ــ ١٦٥).
(٣) (١١/ ٣٤١).
(٤) رواه عن محمد بن عثمان جماعةٌ منهم البخاري. [المؤلف].