للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو عقلًا لا قيمة له، لجواز اجتماع تلك الطرق على الباطل).

أقول: أما الباطل يقينًا فلا يفيده التعددُّ شيئًا، بل يبعد جدًّا أن تتعدد طرقه تعددًا يفيده قوة قوية، نعم قد يختلف المتن في الجملة ويكون الحكم بالبطلان إنما هو بالنظر إلى ما وقع في بعض الطرق، وقد يكون ذلك الخطأ وقع فيه، وقد يفهم الناظر معنى يحكم ببطلانه، وللخبر معنى آخر مستقيم، وكثيرًا ما يقع الخلل في الحكم بالبطلان.

وقال أبو ريَّة ص ٢٦٩: (كتب الحديث المشهورة) ثم ذكر «الموطأ» وذكر أشياء ينبغي مراجعةُ مصادرها، إلى أن قال ص ٢٧٣: (قال ابن معين: إن مالكًا لم يكن صاحب حديث، بل كان صاحب رأي).

أقول: لم يذكر مصدره إن كان له مصدر، ومن المتواتر ثناء ابن معين البالغ على مالك بمعرفة الحديث ورواته والإتقان والتثبُّت (١)، وليس من شأن ابن معين النظر في الفقه.

قال: (وقال الليث بن سعد: أحصيتُ على مالك سبعين مسألة وكلُّها مخالفة لسنة الرسول).

أقول: قد عرفنا أنَّ مالكًا ربما توقف عن الأخذ بالحديث لاعتقاده أنه منسوخ أو نحو ذلك، وقد تُبنى على الحديث الواحد مئات من المسائل، وقد قال مالك: «إنما أنا بشر أخطئ وأصيب، فانظروا في رأيي فما وافق السنة فخذوا به» (٢).


(١) انظر «تهذيب التهذيب»: (١٠/ ٥ ــ ٩).
(٢) من ترجمة مالك في تهذيب التهذيب [١٠/ ٩]. [المؤلف].