للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مجلس خاصٍّ قد مرَّ بيانه (١)، وكان فيما عدا ذلك مِنْ أحفظهم، وهذا لا يَرِدُ عليه شيء مما ذكر أبو ريَّة.

قال ص ١٨٢: (ولكن الأمر قد جرى على غير ذلك ... ).

أقول: أعاد أشياء قد تقدم النظر فيها، ويأتي باقيها.

ثم قال: (حفظ الوعاءين. أخرج البخاري عن أبي هريرة قال: حفظت عن رسول الله وعاءين، فأما أحدهما فبثثته، وأما الآخر فلو بثثته لقُطِع هذا البلعوم. وهذا الحديث معارض بحديث ... عن علي رضي الله عنه فقد سئل: هل عندكم كتاب؟ فقال: لا إلا كتاب الله ... أو ما في هذه الصحيفة. وكذلك يعارضه ما رواه البخاري عن عبد العزيز بن رُفَيع قال: دخلت أنا وشداد بن معقل على ابن عباس، فقال له شداد: أَتَرَكَ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - من شيء؟ فقال: ما ترك إلا ما بين الدفّتين، ولوكان هناك شيء يؤثر به النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أحد خواصه ... ).

[ص ١٤٧] أقول: المنفيّ في خَبَرَي عليّ وابن عباس هو كتاب مكتوب غير القرآن، ولهذا استثنى عليٌّ صحيفتَه. ولم يقصد أبو هريرة ولا فهم أحدٌ من كلامه أن عنده كتابين أو كتابًا واحدًا، وإنما قصد وفهم الناسُ عنه أنه حفظ ضَرْبين من الأحاديث: ضرب يتعلّق بالأحكام ونحوها مما لا يخاف هو ولا مثله من روايته. وضرب يتعلّق بالفتن وذمِّ بعض الناس، وكلُّ أحدٍ من الصحابة كان عنده من هذا وهذا، وكانوا يرغبون عن إظهار ما هو من الضرب الثاني، وقد ذكر أبو ريَّة حذيفةَ وعلمَه بالفتن، وكان ربما حدّث منه بالحرف بعد الحرف، فينكره عليه إخوانه كسلمان وغيره (٢).


(١) (ص ٢٧٤ ــ ٢٧٨).
(٢) كما في «سنن أبي داود» (٤٦٥٩) وغيره.