للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصحابة ورواية الحديث

[ص ٣٦] ذكر أبو ريَّة ص ٢٩ تحت هذا العنوان أن الصحابة (كانوا يرغبون عن رواية الحديث، وينهون عنها، وأنهم كان يتشدَّدون في قبول الأخبار تشديدًا قويًّا).

أقول: دعوى عريضة، فما دليلها؟

قال: (روى الحافظ الذهبي في «تذكرة الحفاظ» قال: ومِن مراسيل ابن أبي مُليكة: أن أبا بكر جمع الناس بعد وفاة نبيهم فقال: إنكم تُحدِّثون عن رسول الله أحاديث تختلفون فيها والناس بعدكم أشدّ اختلافًا، فلا تُحدِّثوا عن رسول الله شيئًا، فمن سألكم فقولوا: بيننا وبينكم كتاب الله فاستحلّوا حلاله وحرّموا حرامه).

أقول: قدَّم الذهبي في «التذكرة» (١) قول أبي بكر للجدَّة: «ما أجِدُ لكِ في كتاب الله شيئًا، وما علمتُ أن رسو ل الله - صلى الله عليه وسلم - ذكر لك شيئًا، ثم سأل الناس ... الخ». فقضى بما أخبره المغيرة ومحمد بن مَسْلمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. ثم ذكر الذهبي هذا الخبر، ولا ندري ما سنده إلى ابن أبي مُليكة، وبيَّنَ الذهبي أنه مرسل، أي منقطع؛ لأن ابن أبي مليكة لم يدرك أبا بكر ولا كاد، ومثل ذلك ليس بحجة؛ إذ لا يُدْرَى ممن سمعه. ومع ذلك قال الذهبي: «مراد الصِّدِّيق التثبُّت في الأخبار والتحرِّي، لا سدُّ بابِ الرواية ... ولم يقل: «حسبنا كتاب الله» كما تقوله الخوارج».

أقول: المتواتر عن أبي بكر رضي الله عنه: أنه كان يدين بكتاب الله تعالى وسنة رسوله، وأَخَذَ بحديث: «لا نورث» مع ما يتراءى من مخالفته لظاهر القرآن، وأحاديثه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - موجودة في دواوين الإسلام، وقد استدل


(١) (١/ ٢ ــ ٣).