للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ص ١٨٤: (ومَنْ هو أبو هريرة؟ فلا هو من السابقين الأوّلين، ولا المهاجرين).

أقول: قدمت (ص ١٠٣) (١) القولَ بأنه أسلم في بَلدِه قبل الهجرة، وبهذا يكون من السابقين إلى الإسلام، ولم يثبت ما يخالف ذلك. فأما من قال: أسلم عام خيبر، فإنما أراد هجرته، وقد ثبت في خبر هجرته أنه قَدِم مسلمًا. فأما الهجرة فهو مهاجر حتمًا وإن لم يكن من قريش ولا من أهل مكة، وإنما أسلمت قبيلتُه بعد أن هاجر بمدة، فقد ثبت أنه وجد النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بخيبر عقب الوقعة، وثبت من شعر كعب بن مالك قوله قبيل غزوة الطائف، وذلك بعد خيبر بمدة (٢):

قضينا مِن تهامةَ كلّ ريبٍ ... وخيبرَ ثمّ أجْمَمْنا السيوفا

نخيِّرها ولو نطقَتْ لقالت ... قواطعُهنَّ دوسًا أو ثقيفًا

قال: (ولا من المجاهدين بأموالهم وأنفسهم).

أقول: بل هو منهم، فقد غزا مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - غزواته بعد خيبر.

وعلق أبو ريَّة في الحاشية: (أثبت التاريخ أنه فرَّ يوم مؤتة، ولما عيَّروه بذلك لم يُحِرْ جوابًا).

أقول: لقي المسلمون عدوَّهم بمؤتة وكان عددهم أكثر من نيّف وثلاثين ضعفًا، فكان القتال، ثم انحاز خالد بن الوليد بالمسلمين ورجع بهم، فكان بعض الناس يصيح فيهم: يا فُرَّار، فيقول النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «بل هم الكُرَّار إن شاء الله


(١) (ص ١٩٧ ــ ١٩٨).
(٢) أخرجه عبد الرزاق (١١/ ٢٦٣)، والبيهقي في «الدلائل»: (٥/ ١٥١)، وهو في «السيرة»: (ق ٢/ ٤/٤٧٩) لابن هشام.