للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ص ١٥٣: (نشأته وأصله ... لم يعرفوا شيئًا عن نشأته ولا عن تاريخه قبل إسلامه غير ما ذكر هو عن نفسه ... : نشأت يتيمًا وهاجرت مسكينًا وكنت أجيرًا لبُسرة بنت غزوان بطعام بطني وعقبة رِجْلي، فكنت أخدم إذا نزلوا وأحدوا إذا ركبوا، وكنيت بأبي هريرة بهرَّةٍ صغيرة كنتُ ألعب بها).

[ص ١٠٢] أقول: أما أصله فقد تقدم، وهو من قبيلة شريفة كريمة عزيزة. وأما نشأته فما أكثر الصحابة الذين لا تُعرف نشأتهم، حتى من خيارهم وكبارهم. وأما قوله: «نشأتُ يتيمًا الخ» (١) فهذه القصة رُويت من أوجه في إسناد كلٍّ منها مقال، ومجموعها يُثْبت أصلَ القصة، فأما الألفاظ التي تنفرد بها بعض الروايات فلا، وفي «الإصابة» (٢): أن بُسْرة هذه أخت عتبة بن غزوان السلمي. وبلاد دوس بعيدة جدًّا عن بلاد بني سُليم، فيظهر أن أبا هريرة في هجرته إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - مرَّ ببلاد بني سُليم أو قريبًا منها، فوجد رفقة راحلين نحو المدينة وفيهم بُسْرة هذه، فصحبهم على أن يخدمهم في الطريق ويطعموه ويُعْقِبوه. ولا يدفع هذا ما ثبت عنه في «صحيح البخاري» (٣) مِن قوله: «لما قدمتُ على النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قلت في الطريق:

يا ليلةً من طولها وعنائها ... على أنها من دارة الكفر نَجَّت

قال: وأَبَقَ لي غلام في الطريق، فلما قدمتُ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبايعته، فبَيْنَا أنا عنده إذ طلع الغلام، فقال: «يا أبا هريرة هذا غلامك»، فقلتُ: هو حرٌّ


(١) أخرج القصة ابن ماجه (٢٤٤٥)، وابن حبان (٧١٥٠)، والبيهقي: (٦/ ١٢٠) وغيرهم. وفي سندها حيان بن بسطام بن مسلم لم يوثقه غير ابن حبان.
(٢) (٧/ ٥٣٧).
(٣) (٢٥٣٠، ٢٥٣١).