للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حقيقة التدليس وانتفاؤها عن الصحابة]

قال أبو ريَّة آخر ص ١٦٤: (تدليسه).

أقول: قال الخطيب في «الكفاية» (ص ٣٥٧): «تدليس الحديث الذي لم يسمعه الراوي ممن دلّسه عنه بروايته إياه على وجهٍ يوهم أنه سمعه منه». ومثال هذا: أن قتادة كان قد سمع من أنس، ثم سمع من غيره عن أنس مالم يسمعه هو من أنس، فربما روى بعض ذلك بقوله: «قال أنس ... » ونحو ذلك، ثم ذكر الخطيب (ص ٣٥٨) ما يؤخَذ على المدلِّس، وهاك تلخيصه بتصرف:

أولًا: إيهامه السماع ممن لم يسمع منه.

ثانيًا: إنما لم يبيِّن لعلمه أن الواسطة غير مرضيّ.

ثالثًا: الأنَفَة مِن الرواية عمن حدثه.

رابعًا: إيهام علوِّ الإسناد.

خامسًا: عدوله عن الكشف إلى الاحتمال.

أقول: هذه الأمور منتفية فيما كان يقع من الصحابة رضي الله عنهم مِن قول أحدهم فيما سمعه من [ص ١١٥] صحابي آخر عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: «قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -».

أما الأول: فلأن الإيهام إنما نشأ منذ عُنِي الناس بالإسناد، وذلك عقب حدوث الفتنة، وفي مقدمة «صحيح مسلم» (١): «عن ابن سيرين قال: لم


(١) (١/ ١٥).