للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبنت الأخ فإن في نفسي منها حاجة».

فإن كان لمرسل ابن أبي مليكة أصل فكونه عقب الوفاة النبوية يُشْعِر بأنه يتعلّق بأمر الخلافة، كأن الناس عقب البيعة بَقُوا يختلفون يقول أحدهم: أبو بكر أهلها؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: كَيت وكَيت. فيقول آخر: وفلان قد قال له النبي - صلى الله عليه وسلم - كيت وكيت، فأحبَّ أبو بكر صَرْفهم عن الخوض في ذلك وتوجيهم إلى القرآن وفيه: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [الشورى: ٣٨].

قال أبو ريَّة: (وروى ابن عساكر عن [إبراهيم بن] عبد الرحمن بن عوف قال: والله ما مات عمر بن الخطاب حتى بعث إلى أصحاب رسول الله فجمعهم من الآفاق: عبد الله بن حذيفة وأبا الدرداء وأبا ذر وعقبة بن عامر قال: ما هذه الأحاديث التي أفشيتم عن رسول الله في الآفاق؟ قالوا: تنهانا؟ قال: [لا]، أقيموا عندي، لا والله لا تفارقوني ما عشت، فنحن أعلم، نأخذ منكم ونرد عليكم، فما فارقوه حتى مات).

أقول: أخذ أبو ريَّة هذا من «كنز العمال» (١: ٢٣٩) (١) وأسقط منه ما أضفته بين حاجزين. وفي خطبة «كنز العمال» (١: ٣) (٢): إن كل ما عُزي فيه إلى «تاريخ ابن عساكر» فهو ضعيف. وعبد الله بن حذيفة غير معروف، إنما في الصحابة عبد الله بن حُذافة، وهو مُقِلٌّ جدًّا لا يثبت عنه حديث واحد، فلا يصلح لهذه القصة. وفي سماع إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف من عمر خلاف، والظاهر أنه لا يثبت (٣). ثم إن هؤلاء النَّفَر لم يكونوا جميع


(١) (١٠/ ٢٩٢ ــ ٢٩٣ ــ ط الرسالة).
(٢) (١/ ١٠).
(٣) انظر الخلاف فيه في كتاب: «التابعون الثقات المتكلّم في سماعهم من الصحابة»: (١/ ٦٩ ــ ٧٥) للهاجري.