للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأن النبيذ في تلك الآنية يُسْرع إليه التخمّر، فقد يتخمّر فلا يصبر عنه حديث العهد بالشرب. ونحو ذلك. وأن أبا هريرة إذ أخبر بذلك على إطلاقه يفهمه الناس على إطلاقه، وذلك وَضْعٌ له على غير موضعه.

ففي القصة شهادةُ الزبير لأبي هريرة بالصدق في النقل، فأما ما أخذه عليه فلا يضرُّه، فإن في الأحاديث الناسخَ والمنسوخ، والعامَّ والخاص، والمطلقَ والمقيّد، وقد يعلم الصحابي هذا دون ذاك، فعليه أن يبلّغ ما سمعه، والعلماء بعد ذلك يجمعون الأحاديث والأدلة، ويفهمون كلًّا منها بحسب ما يقتضيه مجموعها، وراجع (ص ٣٢) (١).

قال أبو رية ص ١٦٩: (وعن أبي حسان الأعرج أن رجلين دخلا على عائشة فقالا: إن أبا هريرة يحدّث عن رسول الله: «إنما الطيرة في المرأة والدابة والدار» فطارت شققًا ثم قالت: كذب والذي أنزل القرآن على أبي القاسم من حدَّث بهذا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إنما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كان أهل الجاهلية يقولون: إن الطيرة في الدابة والمرأة والدار». ثم قرأت: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا} [الحديد: ٢٢]).

أقول: أخرج أحمد وأبو داود بسند جَيِّد عن سعد بن أبي وقاص مرفوعًا: «لا عَدْوى ولا طِيَرة ولا هام، إن تكن الطِّيَرةُ في شيء ففي الفَرَس والمرأة والدار» انظر «مسند أحمد» الحديث (٥٠٢ و ٥٥٤) (٢). وفي «فتح الباري» (٦: ٤٥) (٣): «الطِّيَرة والشؤم بمعنى واحد». وفي «الصحيحين» (٤)


(١) (ص ٦٣ ــ ٦٤).
(٢) (١٥٥٤ و ١٦١٥).
(٣) (٦/ ٦١).
(٤) البخاري (٢٨٥٨)، ومسلم (٢٢٢٥).