للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصحابة رضي الله عنهم

ثم قال أبو ريَّة ص ٣١٠: (عدالة الصحابة ... ).

أقول: الآيات القرآنية في الثناء على الصحابة والشهادة لهم بالإيمان والتقوى وكلِّ خير معروفة، ومن آخرها نزولًا قول الله عزوجل: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (١١٧) وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} [التوبة: ١١٧ - ١١٨].

ساعةُ العُسْرة: غزوة تبوك. وكلمة «المهاجرين» هنا تشمل السابقين واللاحقين ومَن كان معهم من غير الأنصار، ولا نعلمه تخلَّف ممن كان بالمدينة من هؤلاء أحدٌ إلا عاجزٌ أو مأمور بالتخلُّف مع شِدَّة حرصه على الخروج، وفي «الصحيح» (١) قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لما رجع من تبوك: «إن بالمدينة أقوامًا ما سرتم مسيرًا ولا قطعتم واديًا إلا كانوا معكم ... حبسهم العذر».

وفي «الفتح» (٢): أن المهلَّب استشهد لهذا الحديث بقول الله تعالى: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ} [النساء: ٩٥] وهو استشهاد متين، والمأمور بالتخلُّف أولى بالفضل. وفي هذا وآيات أخرى ثناء يعمّ المهاجرين ومَن لحق بهم لا نعلم ثَمَّ ما يخصِّصه.

فأما الأنصار فقد عمَّت الآيةُ مَنْ خرج معهم إلى تبوك والثلاثة الذين


(١) البخاري (٤٤٢٣)، ومسلم (١٩١١) من حديث أنس رضي الله عنه.
(٢) (٦/ ٤٧). قال: فإنه فاضَلَ بين المجاهدين والقاعدين، ثم استثنى أولي الضرر من القاعدين، فكأنه ألحقهم بالفاضلين.