للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أقول: هذا أَخَذَه مِن كتاب ابن قُتيبة (١)، وإنما حكاه ابنُ قُتيبة عن النظَّام بعد أن قال ابن قتيبة: «وجَدْنَا النظَّام شاطرًا من الشطَّار، يغدو على سُكْر ويروح على سُكْر، ويبيت على جرائرها، ويدخل في الأدناس، ويرتكب الفواحش والشائنات ... ثم ذكر أشياء من آراء النظَّام المخالفة للعقل وللإجماع، وطعْنَه على أبي بكر وعمر وعليّ وابن مسعود وحُذيفة. فمَنْ كان بهذه المثابة كيف يقبل نقله بلا سند؟

ومن الممتنع أن يكون وقع مِن عمر وعثمان وعليّ وعائشة أو واحد منهم رَمْيٌ لأبي هريرة بتعمّد الكذب أو اتهام به ثم لا يشتهر ذلك ولا يُنْقل إلا بدعاوى مَن ليس بثقة ممن يعادي السنَّةَ والصحابَة كالنظَّام وبعض الرافضة. وقد تقدم ويأتي (٢) ثناءُ بعض أكابر الصحابة على أبي هريرة، وسماع كثير منهم منه وروايتهم عنه، وأطبق أئمة التابعين من أبناء أولئك الأربعة وأقاربهم وتلاميذهم على تعظيم أبي هريرة والرواية عنه والاحتجاج بأخباره.

وعند أهل البدع من المعتزلة والجهمية والرافضة والناصبة حكايات معضلة مثل هذه الحكاية، تتضمّن الطعنَ القبيح في أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ وعائشة وغيرهم، وفي كثير منها ما هو طعن في النبي - صلى الله عليه وسلم -. والحكم في ذلك واحد، وهو تكذيب تلك الحكايات البتة.

[ص ١٢٠] قال أبو ريَّة: (ولما قالت له عائشة: إنك لتحدِّث حديثًا ما سمعتُه من النبي - صلى الله عليه وسلم -، أجابها بجواب لا أدب فيه ولا وقار إذ قال لها ... شغلك عنه - صلى الله عليه وسلم - المرآة


(١) (ص ٢٠٤ ــ ٢٠٦).
(٢) (ص ٣١٢ ــ ٣١٥).