للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال أبو ريَّة: (وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة: إن الله خلق آدم على صورته. وهذا الكلام قد جاء في الإصحاح الأول من التوراة ونصه هناك: وخلق الله الإنسان على صورته، على صورة الله خلقه).

أقول: قد علم الجن والإنس أنَّ في الكتاب الموجود بأيدي أهل الكتاب المسمّى (١) بالتوراة ما هو حق وما هو باطل، وأنَّ في القرآن كثيرًا من الحقّ الذي في التوراة وكذلك في السنة. فإذا كان هذا منه كان ماذا؟ والكلام في معناه معروف (٢).

وعلَّق أبو ريَّة في الحاشية بذكر ما ورد في سياق الحديث: أن طول آدم كان ستين ذراعًا، فلم يزل الخلق ينقص، واستشكال ابن حجر له بما يوجد مِن مساكن الأمم السالفة.

أقول: لم يتحقَّق بحجَّة قاطعة كم مضى للجنس البشري منذ خُلق آدم؟ وما في التوراة لا يعتمد عليه، وقد يكون خُلِق ستين ذراعًا فلما أُهْبِط إلى الأرض نقص من طوله دفعة واحدة ليناسب حال الأرض، إلا أنه بقي أطول مما عليه الناس الآن بقليل، ثم لم يزل ذاك القليل يتناقص في الجملة. والله أعلم. وفي «فتح الباري» (٢٦٠: ٦) (٣): «روى ابن أبي حاتم بإسناد حسن عن أبيّ بن كعب مرفوعًا: «إن الله خلق آدم رجلًا طوالًا كثير شعر الرأس كأنه نخلة سحوق».

وقال في حاشية ص ١٧٥: (وأنكر مالك هذا الحديث، وحديث: إن الله يكشف


(١) (ط): «مسمى» ولعل الصواب ما أثبت.
(٢) وذكر رواية (على صورة الرحمن) وهذا جاء من حديث ابن عمر، قال ابن حجر في الفتح ١٢٣: ٥: «ورجاله ثقات». [المؤلف].
(٣) (٦/ ٣٦٧).