للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثالث: رَوح بن عُبادة عند أحمد وفيه: « ... قتادة ثنا أبو رافع» وأحسب هذا خطأ من ابن المُذْهِب راوي المسند عن القَطِيعي عن عبد الله بن أحمد. وفي ترجمته من «الميزان» (١) و «اللسان» (٢) قول الذهبي: «الظاهر من ابن المُذهب أنه شيخ ليس بمتقن، وكذلك شيخه ابن مالك، ومن ثَمَّ وقع في «المسند» أشياء غير مُحْكَمة المتن ولا الإسناد». ومن المحتمل أن يكون الخطأ من رَوح، فإن كُلًّا من يزيد وعبد الأعلى أثبت منه، وقتادة مشهور بالتدليس؛ فلو كان الخبر عند سعيد عنه مصرَّحًا فيه بالسماع لحرص سعيد على أن يرويه كذلك دائمًا، [ص ١٣٤] بل أطلق أبو داود (٣) أنّ قتادة لم يسمع من أبي رافع، وظاهره أنه لم يسمع منه شيئًا، ولكن نظر فيه ابن حجر (٤).

على كلِّ حال، فلم يثبت تصريح قتادة في هذا بالسماع، فلم يصح الخبر عن أبي رافع، وأبو رافع هو نُفَيع البصري، مخضرم ثقة لا يظن به أن يخطئ الخطأ الذي أشار إليه ابن كثير. فلو صحَّ الخبر عنه لزم تصحيحه عن أبي هريرة، ولو صح عن أبي هريرة لصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولو صح مع ذلك أنَّ كعبًا أخبر بما يشبهه لكان محمله الطبيعي أنَّ كعبًا سمع الحديث من أبي هريرة أو غيره من الصحابة فاقتبس منه خبره، لكن الخبر لم يصح عن أبي رافع، فلم يصح عن أبي هريرة، فلم يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا ندري ممن سمعه قتادة. والله أعلم.


(١) (٢/ ٣٣ ــ ٣٥).
(٢) (٣/ ٩١ ــ ٩٣).
(٣) في «السنن»: (٥/ ٣٦٧).
(٤) في «تهذيب التهذيب»: (٨/ ٣٥٤) قال معلقًا على كلام أبي داود: «كأنه يعني حديثًا مخصوصًا، وإلا ففي صحيح البخاري تصريح بالسماع منه».