للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العلم من الصحابة، لأمر أبا هريرة وغيره بالإكثار وحثَّ عليه، وحِفْظُ الله تبارك وتعالى لشريعته، وتدبيره بمقتضى حكمته فوق عمر وفوق رأي عمر، في حياة عمر وبعد موت عمر.

ثم قال أبو ريَّة ص ١٦٤: (كيف سوّغ كثرة الرواية؟ كان أبو هريرة يسوِّغ كثرة الرواية عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بأنه ما دام لا يحلّ حرامًا ولا يحرِّم حلالًا فإنه لا بأس من أن يروي).

أقول: هذه دعوى من أبي رية، فهل من دليل؟

قال: (وقد أيَّد صنيعه هذا بأحاديث رفعها إلى النبيّ، ومنها ما رواه الطبراني في «الكبير» عن أبي هريرة أن رسول الله قال: إذا لم تحلّوا حرامًا ولم تحرموا حلالًا وأصبتم المعنى فلا بأس).

أقول: ههنا مآخذ:

الأول: أن هذا لم يروه أبو هريرة ولا رواه الطبراني عنه، إنما رواه الطبراني من طريق يعقوب بن عبد الله بن سليمان بن أكيمة الليثي عن أبيه عن جده قال: «أتينا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقلنا له: بآبائنا وأمهاتنا يا رسول الله، إنا نسمع منك الحديثَ فلا نقدر أن نؤدّيه كما سمعنا. فقال: إذا لم الخ». وهو في «مجمع الزوائد» (١٥٤: ١) (١) وقال: «رواه الطبراني في الكبير، ولم أر من ذكر يعقوب ولا أباه».

الثاني: أن هذا الخبر إنما يدلّ على إجازة الرواية بالمعنى لقوله فيه: «وأصبتم المعنى»، وقد تقدم الكلام في فصل الرواية بالمعنى (ص ٥٢ فما


(١) (١/ ١٥٩ ــ مؤسسة المعارف).