للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه (راجع ص ٧١) (١)، فأما ماعدا ذلك فغاية الأمر أنهم إذا وجدوا الخبر لا يدفعه العقلُ ولا الشرعُ ولا هو من مظِنّة اختلاق أهل الكتاب وتحريفهم أَنِسُوا به، فإن كان مع ذلك مناسبًا في الجملة لآيةٍ من القرآن أو حديث عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - مالوا إلى تصديقه. وإخبار الإنسان عما يعلم السامعون أنه لم يدركه لا يعطي أنه جازم بتصديقه، لأنَّ مثل هذا الخبر كالمتضمّن لقوله: «بلغني ... ».

قال أبو ريَّة ص ١٣٧: (الكيد السياسي الخ).

ثم ذكر قصة عبد الله بن سبأ، وقد نقدها الدكتور طه حسين في «الفتنة الكبرى» (٢) فأجاد.

وقال ص ١٣٨: (وقد وضع كعب يده في يد ابن سبأ الخ).

أقول: هذا تخيُّل صِرْف.

قال: (فقد روى وكيع عن الأعمش عن أبي صالح الخ).

أقول: يُنظر السند إلى وكيع (٣)، والأعمشُ مدلّس، وأبو صالح لم يتبيّن إدراكه للقصة. ولو صحت لَمَا دلَّت إلا على أحد أمرين: إما أن كعبًا وجد ذلك في صُحُفِه، كما يشهد له ما أخبر به ابن الزبير (٤)، وإما أنه كان عميق النظر وبعيده.


(١) (ص ١٣٩ ــ ١٤١).
(٢) (ص ٩٠ ــ ٩٤). وانظر نقد الأستاذ محمود شاكر لطه حسين في «جمهرة المقالات»: (١/ ٥١٥ وما بعدها).
(٣) أخرجه وكيع في «نسخته عن الأعمش» (٣٥)، وأخرجه ابن أبي شيبة (٣٨٢٤٨) عن وكيع به، وابن سعد في «الطبقات»: (٦/ ١٩) عن وكيع وأبي معاوية كلاهما عن الأعمش. فالسند صحيح إليه.
(٤) انظر ما سبق (ص ١٧٦).