للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى عُرْف المدلّس نفسه فما ثَمَّ إلا الاحتمال، فالضرب الثاني هو اللائق بكلمات شعبة ونحوها، وبالجرح وإن صرح بالسماع.

فأما الضرب الأول فقد عُدَّ منهم إبراهيم النَّخَعي، وإسماعيل بن أبي خالد، وحبيب بن أبي ثابت، والحسن البصري، والحكم بن عُتيبة، وحُميد الطويل، وخالد بن مَعْدان، وسعيد بن أبي عَروبة، وسفيان الثوري، وسفيان بن عُيينة، وسليمان التيمي، والأعمش، وابن جُريج، وعبد الملك ابن عمير، وأبو إسحاق السبيعي، وقتادة، وابن شهاب، والمغيرة بن مَقسم، وهُشَيم بن بشير، ويحيى بن أبي كثير، ويونس بن عُبيد، وهؤلاء كلهم ثقات أثبات أمناء مأمونون عند شعبة وغيره، متفق على توثيقهم والاحتجاج بما صرَّحوا فيه بالسماع. قال ابن القطان (١): «إذا صرَّح المدلّس الثقة بالسماع قُبِل بلا خلاف، وإن عنعن ففيه الخلاف» (٢). فأما الصحابة رضي الله عنهم فلا مَدْخَل لهم في التدليس كما تقدم.

قال: (ولو لم يُعرف أنه دلّس إلا مرة واحدة، نص على ذلك الشافعي رحمه الله).

أقول: عبارته تعطي أن الشافعي يرى جرح المدلّس مطلقًا ولو صرَّح بالسماع، وهذا كذب، وعبارة الشافعي في «الرسالة» (ص ٣٧٩): «ومَن عرفناه دلَّس فقد أبان لنا عورته في روايته، وليست تلك العورة بالكذب فنردَّ بها حديثه، ولا النصيحة في الصِّدق فنقبلَ منه ما قبلنا من أهل النصيحة في الصدق، فقلنا: لا نقبل من مدلّس حديثًا حتى يقول فيه: حدثني أو سمعت».


(١) في «بيان الوهم والإيهام»: (٥/ ٦٦ ــ دار طيبة).
(٢) فتح المغيث للسخاوي ص ٧٧ [١/ ٢١٧]. [المؤلف].