للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أعجمي، ومنه ما يأتي في موضع بألفاظ وفي آخر بغيرها، وقد تتعدد الصور كما في قصة موسى، ويطول في موضع ويختصر في آخر. فبالنظر إلى أداء المعنى كرَّر النبي - صلى الله عليه وسلم - بيان شدة الكذب عليه، وبالنظر إلى أداء اللفظ اقتصر على الترغيب فقال: «نَضَّرَ الله امرءًا سمع مِنّا شيئًا فأدَّاه كما سمعه، فربّ مبلَّغٍ أوعى مِن سامع» (١)، جاء بهذا اللفظ أو معناه مطوّلًا ومختصرًا من حديث ابن مسعود، وزيد بن ثابت، وأنس، وجُبير بن مُطْعِم، وعائشة، وسعد، وابن عمر، وأبي هريرة، وعُمير بن قتادة، ومعاذ بن جبل، والنعمان بن بشير، وزيد بن خالد، وعُبادة بن الصامت، منها الصحيح وغيره. وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتحرَّى معونتهم على الحفظ والفهم كما مرَّ (ص ٤٣) (٢).

واعلم أن الأحاديث الصحيحة ليست كلها قولية، بل منها ما هو إخبار عن أفعال النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهي كثيرة. ومنها ما أصله قوليّ، ولكن الصحابي لا يذكر القول بل يقول: أمرنا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بكذا، أو نهانا عن كذا، أو قضى بكذا، أو أذِنَ في كذا .. وأشباه هذا. وهذا كثير أيضًا.

وهذان الضربان ليسا محلّ نزاع، والكلام في ما يقول الصحابي فيه:


(١) هذا الحديث رُوي عن جماعة كثيرة من الصحابة نحو الثلاثين، من أقواها حديث زيد بن ثابت. أخرجه أحمد (٢١٥٩٠)، وأبو داود (٣٦٦٠)، والترمذي (٢٦٥٦)، وابن ماجه (٢٣٠)، وابن حبان (٦٧، ٦٨٠) وغيرهم. قال الترمذي: حديث حسن، وصححه ابن حبان.
وحديث ابن مسعود أخرجه أحمد (٤١٥٧)، والترمذي (٢٦٥٧)، وابن ماجه (٢٣٢)، وابن حبان (٦٦، ٦٩). قال الترمذي: حسن صحيح، وصححه ابن حبان.
وانظر: «موافقة الخبر الخبر»: (١/ ٣٦٣ ــ ٣٩٣)، و «المعتبر» (ص ١٣٠ ــ ١٣١).
(٢) (ص ٨٣ ــ ٨٤).