للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله، ليُهراقنّ بهذه البقعة من دماء المسلمين شيء لا يُهراق ببقعة في الأرض ... » وكان ذلك قبل وقعة صِفِّين بسنين، فهل يصدِّق أبو ريَّة هذا كما صدَّق بقية الحكاية؟ على أن فيها غريبة أخرى لا أراه يصدِّق بها (١).

قال ص ١١٢: (افتجَرَ هذا الكاهن لإسلامه سببًا عجيبًا ... قد أخرج ابن سعد بسند صحيح ... فقال: إن أُبيّ كتب لي كتابًا من التوراة ... وختم على سائر كتبه ... ففتحتها فإذا صفة محمد وأمته، فجئت الآن مسلمًا).

أقول: أما السند فليس بصحيح، فيه علي بن زيد وهو كما قال ابن حجر في «التقريب»: «ضعيف» (٢) ولم يُخرج له أحد من الشيخين، إلا أن مسلمًا أخرج حديثًا عن حماد بن سلمة عن ثابت البُناني وعلي بن زيد، والاعتماد على ثابت وحده، [ص ٧٠] لكن لما وقع في سياق السند ذِكْر عليّ بن زيد لم ير مسلم أن يحذفه. ولمسلم من هذا نظائر.

وأما القصة فلا أدري ما ينكر المسلم منها وهو يقرأ قول الله عزّ وجل في كتابه: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ} الآية (٣) [الأعراف: ١٥٧]، وقوله سبحانه: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ


(١) وهي ــ فيما أحسب ــ طريقة موت قيس بن خَرَشة عندما أراد عبيد الله بن زياد أن يقتله، ففي الرواية: أنه لما نودي بصاحب العذاب مال قيس عند ذلك فمات.
(٢) وكذلك ضعفه في «فتح الباري»: (١/ ٣٧٣، ٣٩٥، ٢/ ٥٦٣، ٣/ ٢٢) وغيرها وإن كان قد حسَّن سنده هذا في «الإصابة»: (٥/ ٦٤٨) ولعله عمدة أبي رية في تصحيحه.
(٣) انظر تفسير المنار ٩: ٢٣٠ - ٣٠٠. [المؤلف].