للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من الخلق».

وعلى هذا فالمعنى ــ والله أعلم ــ أنّ في كلِّ أرض خلقًا كنحو بني آدم، وفيهم مَن يَعْرف الله تعالى بالنظر في آياته كما عرف إبراهيم عليه السلام، وهذا القول قد يتوصَّل إليه بالنظر في الآية المذكورة وسياقها، وقوله تعالى: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ} [الحجر: ٨٥]. وقوله: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: ٥٦] وغيرها. على أن بعضهم قد فسر ما جاء في الرواية الأخرى التي قدَّمتُ أنها لا تصح، ففي «روح المعاني» (١): «لامانع عقلًا ولا شرعًا من صحته، والمراد أنّ في كلّ أرض خَلْقًا يرجعون إلى أصلٍ واحد رجوع بني آدم في أرضنا إلى آدم عليه السلام، وفيهم أفراد ممتازون على سائرهم كنوح وإبراهيم فينا».

أما ما في «البداية» (٢): «محمول إن صحّ نقله عنه على أنه أخذه ابن عباس رضي الله عنه عن الإسرائيليات» فغير مرضيّ، فابن عباس ــ كما مرَّ ويأتي ــ كان ينهى عن سؤال أهل الكتاب، فإنْ كان مع ذلك قد يسمع مِن بعض مَن أسلم منهم أو يسأله فإنما ذلك شأن العالم يسمع ما ليس بحجّة، لعله يجد فيه ما ينبّهه ويَلْفِتُ نظرَه إلى حجة. وسيأتي تمام هذا إن شاء الله (٣).

وقال ص ١٢٣: (وفي «تفسير الطبري» (٤) أن ابن عباس سأل كعبًا عن سدرة


(١) (٢٨/ ١٤٣).
(٢) «البداية والنهاية»: (١/ ٤٢ ــ ٤٣ ــ دار هجر).
(٣) (ص ١٧٠، ١٨٣).
(٤) (٢٢/ ٣٣).