للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرابع: أن الخبر في الطاعون استفاض في عهد عمر، وبقي أبو هريرة يحدّث بحديث: «لا عدوى» زمانًا بعد ذلك، حتى سمعه منه أبو سلمة وغيره ممن لم يدرك عمر.

الخامس: قول أبي ريَّة (وقد اضطر ... ) يعطي أن أبا هريرة لم ينس الحديث، فما معنى قوله بعد ذلك: (وأن يعترف بنسيانه) مع إيراده القصة شاهدًا على النسيان كما زعم؟

السادس: لم يأت أبو ريَّة بدليل ولا شِبْه دليل على دعواه أن أبا هريرة اعترف بأنه نسي.

السابع: اختلف الرواة عن الزهري في حكاية القصة، وأحسنهم سياقًا يونس بن يزيد الأيلي، وقد شهد له ابنُ المبارك بأن كتابه صحيح، وأنه كتب حديثَ الزهريّ على الوَجْه، أي كما تلفَّظ به الزهريُّ (١). وفي روايته في «صحيح مسلم» (٢) بعد كلام الحارث: «فأبَى أبو هريرة أن يعرف ذلك وقال: لا يورِدُ مُمْرِض على مُصِحّ. فماراه الحارثُ في ذلك حتى غضب أبو هريرة فرطَنَ بالحبشية، فقال للحارث: أتدري ماذا قلتُ؟ قال: لا، قال أبو هريرة: قلتُ: أبيتُ. قال أبو سلمة: ولعمري لقد كان أبو هريرة يحدّثنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا عدوى». فلا أدري أنسي أبو هريرة أم نَسخَ أحدُ القولين الآخر»؟

ولو صرَّح أبو هريرة بنفي أن يكون حدَّثهم من قبل لجزم أبو سلمة


(١) انظر «تهذيب الكمال»: (٨/ ٢٢١).
(٢) (٢٢٢١/ ١٠٤).