للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثانية عشرة: لا يخفى حال ما ذكره أخيرًا وسمَّاه تأويلًا.

وذكر ص ٣٤٠ الحكايات عن كعب ووهب وقال: (لم يكن يحيى بن معين وأبو حاتم وابنه وأمثالهم يعرفون ما يصح من ذلك وما لا يصح، لعدم اطلاعهم على تلك الكتب).

أقول: في هذا أمور:

الأول: أن الأئمة كانوا يعرفون النبي - صلى الله عليه وسلم - وسنته، فبذلك كانوا يعرفون حال كعب ووهب فيما نسباه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإذا وثّقوهما فمعنى ذلك أنهم عرفوا صِدْقهما في هذا الباب، وهذا هو الذي يهمُّ المسلمين. فأما ما حكياه عن صُحُف أهل الكتاب فليس بحجة سواء أصَدَقا فيها أم كَذَبا.

الثاني: تقدم في فصل الإسرائيليات (ص ٦٧ - ٩٥) (١) ما يُعلم منه: أن غالب ما يُنسب إلى كعب لا يثبت عنه، ومرَّ (ص ٩١) (٢): أن في كتاب «فضائل الشام» سبع عشرة حكاية عن كعب لا تثبت عنه ولا واحدة منها. وعسى أن يكون حال وهب كذلك. فمَنْ أراد التحقيق فليتتبع ما يثبت عنهما صريحًا بالأسانيد الصحيحة، ثم ليعرضه على كتب أهل الكتاب الموجودة كلها، ويتدبَّر الأمر الثالث وهو ما تقدم (ص ٦٩ - ٧٢) (٣): مِن تتبُّع اليهود ما كان موجودًا في العالم ــ عند ظهور الإسلام وبعده إلى مدّة ــ مِن نُسَخ كتبهم في العالم كلّه وإتلافها لمخالفتها ما يرضونه من نُسَخ حديثة أبقوها، مع ما عُرف عنهم من استمرار التحريف عمدًا، وانقراض كثير من كتبهم البتة، ثم


(١) (ص ١٣٠ ــ ١٨٤).
(٢) (ص ١٧١).
(٣) (ص ١٣٤ ــ ١٤٠).