للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القعود عن الجهاد معه، ومعنى {فِي بَعْضِ الْأَمْرِ} أي: بعض ما تأمرون به، أو: الأمر الذي يهمكم. {وَاللهُ يَعْلَمُ إِسْرارَهُمْ} قالوا ذلك سرا فيما بينهم، فأفشاه الله عليهم؛ فكيف يعملون؟!

{فَكَيْفَ إِذا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ (٢٧) ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا ما أَسْخَطَ اللهَ وَكَرِهُوا رِضْوانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ (٢٨) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللهُ أَضْغانَهُمْ (٢٩) وَلَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللهُ يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ (٣٠) وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصّابِرِينَ وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ (٣١) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدى لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً وَسَيُحْبِطُ أَعْمالَهُمْ (٣٢)}

وعن ابن عباس: "لا يتوفى أحد على معصية الله إلا تضربه الملائكة في وجهه ودبره" (١).

{ذلِكَ} إشارة إلى التوفي الموصوف. {ما أَسْخَطَ اللهَ} من كتمان بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم و {رِضْوانَهُ} الإيمان برسوله. {أَضْغانَهُمْ} أحقادهم، وإخراجها: إبرازها لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين، وإظهارهم على العداوة، وكانت صدورهم تغلي حنقا عليهم.

{لَأَرَيْناكَهُمْ} لعرفناك بهم، ودللناك عليهم لا يخفون عليك. {بِسِيماهُمْ} بعلامتهم، وهو أن يسمهم الله بعلامة يعلمون بها. وعن أنس: "ما خفي على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية شيء من المنافقين؛ كان يعرفهم بسيماهم، ولقد كنا في بعض الغزوات وفيها تسعة من المنافقين يشكون الناس، فباتوا ذات ليلة فأصبحوا وعلى جبهة كل واحد منهم مكتوب هذا منافق" (٢).فإن قيل: أيّ فرق بين اللامين في "فلعرفتهم" و "لتعرفنهم"؟

قلت: الأولى هي الداخلة في جواب {وَلَوْ} التي في {لَأَرَيْناكَهُمْ} كررت في المعطوف، وأما اللام في {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ} فواقعة مع النون في جواب قسم محذوف. {فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} في نحوه، وعن ابن عباس: هو قولهم: ما لنا إن أطعنا من الثواب؟ ولا يقولون: ما علينا إن


(١) ذكره الزمخشري في الكشاف (٣/ ٥٢٧).
(٢) ذكره الزمخشري في الكشاف (٣/ ٥٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>