للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{إِلَيْكَ} (١) فمسح جبريل بجناحه وجوههم فصار موضع العين لحما مساويا لجميع الوجه، فلم يهتدوا للباب حتى أخرجهم لوط. {بُكْرَةً} إن نكرته فالمراد (٢٨٣ /ب) بكرة من جملة البكر، وإن عرفته ولم تصرفه أردت بكرة يومك. فإن قلت: ما فائدة تكرير قوله: {فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ (١٦)} {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ؟} قلت: فائدته أن تبقى هذه المواعظ نصب أعينهم ويستحضروها بقلوبهم ولا يغفلوا عنها، ونظيره تكرير: {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ} في سورة الرحمن (٢). وفي المرسلات: {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} (٣). النذر: موسى وهارون وغيرهما؛ لأنهما عرضا عليهم ما أنذر به المرسلون، أو: جمع نذير، وهو الإنذار.

{بِآياتِنا كُلِّها} بالآيات التسع. {أَخْذَ عَزِيزٍ} لا يغالب {مُقْتَدِرٍ} لا يعجزه شيء في السماوات ولا في الأرض. {أَكُفّارُكُمْ} يا أهل مكة {خَيْرٌ مِنْ أُولئِكُمْ} الكفار المعدودين وهم قوم نوح وقوم هود وقوم صالح وقوم لوط وآل فرعون، يعني: أكفاركم خير من أولئكم في القوة والعدة والمال والبسطة، أو أقل عنادا؟ بل قومك أكثر عنادا وأبعد عن الانقياد.

{أَمْ} أنزلت عليكم {بَراءَةٌ فِي} الكتب المتقدمة أن من كفر منكم كان آمنا من عذاب الله فأمنتم بها؟! {نَحْنُ} جماعة أمرنا مجتمع {مُنْتَصِرٌ} ينصر بعضنا بعضا. وروي أن أبا جهل قال يوم بدر: اليوم ننتصر من محمد وأصحابه فنزلت {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} (٤). روي:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يوم بدر وهو يقول: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} (٥) أي: الأدبار؛ كما قال [من الوافر]:

كلوا في بعض بطنكم تعفّوا (٦) ...


(١) سورة هود، الآية (٨١).
(٢) الآيات (٥١، ٤٩، ٤٧، ٤٥، ٤٢، ٤٠، ٣٨، ٣٦، ٣٤، ٣٢، ٣٠، ٢٨، ٢٥، ٢٣، ٢١، ١٨، ١٦، ١٣، ٧٧، ٧٥، ٧٣، ٧١، ٦٩، ٦٧، ٦٥، ٦٣، ٦١، ٥٩، ٥٧، ٥٥، ٥٣).
(٣) الآيات (٤٩، ٤٧، ٤٥، ٤٠، ٣٧، ٣٤، ٢٨، ٢٤، ١٩، ١٥).
(٤) ذكره الزمخشري في الكشاف (٤/ ٤٤٠)، وذكره السيوطي في الدر المنثور (٧/ ٦٨٠) ونسبه لابن أبي شيبة وابن منيع وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - بنحو هذا.
(٥) رواه البخاري رقم (٢٦٩٩)، وأحمد في المسند رقم (٢٨٨٥).
(٦) هذا صدر بيت وعجزه:
فإن زمانكم زمن خميص. ينظر في: البرهان في علوم القرآن للزركشي (٢/ ٤٢٨)، تفسير أبي السعود (١/ ١٩١)، الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ٤٣٨)، الكشاف للزمخشري (١/ ٤٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>