للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{أَلَمْ تَرَ} معناه: أعجب {إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ} جمع ألف من العدد أي: أكثر من عشرة آلاف. وقيل: الألوف: جمع إلف، أي: قلوبهم مجتمعة على تحسين ما فعلوه. {حَذَرَ الْمَوْتِ} فروا من الطاعون. وقيل: من القتال. والآية التي قبل هذه، والتي بعدها تدلان على أن الفرار من القتال، فأماتهم الله إماتة رجل واحد، فكأنه قيل لهم: موتوا. فماتوا، {إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النّاسِ} بإحيائهم بعد موتهم. أو على الناس الذين رأوهم؛ ليعتبروا. شبه الله ما يعطى صدقة بالقرض وأنه يعطيه؛ ليأخذ بدله (١٧ /ب) في الآخرة، والقرض الحسن: أن يكون حلالا طيبا، ولا يقبل الله إلا الطيب، وأن يكون في زمن الجوع والقحط وأمام قضاء الحاجات، وأن يخص به اليتيم والقريب والأحوج وأن لا يتبعها منّا ولا أذى. و {أَضْعافاً كَثِيرَةً} سبعمائة ضعف.

{وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ} [البقرة: ٢٦١] زيادة على ذلك؛ لقول النبي صلّى الله عليه وسلم في الصدقة: «إنها تقع في يد الرب قبل أن تقع في يد العبد، فيربّيها كما يربي أحدكم فلوه - أو فصيله - حتى تكون مثل جبل أحد» (١). وجبل أحد أكبر من قدر صدقته بسبعين ألفا، أو بسبعمائة ألف ضعف. {وَاللهُ يَقْبِضُ} الرزق ويبسطه، ويقبض القلوب ويبسطها، ويقبض كل ما شاء أن يقبضه، ويبسط كل ما شاء أن يبسطه، وإلى دار جزائه يرجعون الملإ الأشراف؛ سموا بذلك لأنهم يملؤون القلوب مهابة، والعيون جمالا.

وقيل: لأنه يمالئ بعضهم بعضا، أي: يعاونه. وقيل: هو من الملاة، أي: هم مليّون بما يراد منهم من الجاه والمال.

{لِنَبِيٍّ لَهُمُ} هو أشمويل. {وَقَدْ أُخْرِجْنا مِنْ دِيارِنا وَأَبْنائِنا} كانت العمالقة قد غلبت على بني إسرائيل، وسبوا نساءهم وأولادهم، وأخذوا منهم التابوت، وكان فيه عصا موسى، وعمامة هارون، وشيء من رضاض الألواح، وقفيز من المن (٢). وكانوا يقدمون التابوت ويقاتلون من ورائه فينصرون، فلما أخذته العمالقة وضعوه في بلد فأصاب أهله


(١) رواه البخاري رقم (١٤١٠)، ومسلم رقم (١٠١٤) بنحوه.
(٢) رواه الطبري في تفسيره (٢/ ٦١٣)، وذكره السيوطي في الدر المنثور (١/ ٧٥٨) ورضاض الشيء: فتاته وكل شيء كسرته فقد رضرضته، والقفيز: مكيال يتواضع الناس عليه وهو عند أهل العراق ثمانية مكاكيك، والمنّ: طل ينزل من السماء وقيل: هو شبه العسل كان ينزل على بني إسرائيل وقيل: هو شيء كان يسقط على الشجر حلو يشرب. ينظر: لسان العرب (منن)، النهاية في غريب الأثر لابن الأثير (٤/ ٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>