للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأستجيب له، أو مستغفر فأغفر له، أو من تائب فأتوب عليه " (١).واستعظم القسم بها بقوله: {وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ}. واعلم أن في هذه الآية جملة معترضة متعلقة بجملة أخرى معترضة؛ فالجملة الأولى:" وإنه لقسم عظيم "والجملة الثانية: {لَوْ تَعْلَمُونَ} فإنه لو قال: وإنه لقسم لاستقام. وقيل: المراد بالنجوم: نزول القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم منجما {كَرِيمٌ} حسن مرضي في جنسه من الكتب، أو كثير النفع أو كريم على الله. المكنون:

الكتابة في اللوح المحفوظ، مصون من غير المقربين من الملائكة. {الْمُطَهَّرُونَ} من جميع الذنوب، ومن النقائص والمعايب، وهم المطهرون (٢٨٩ /ب) في قوله: {لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ} إن جعلت الجملة الثانية صفة للكتاب، وإن جعلتها صفة للقرآن فالمعنى أنه لا ينبغي أن يمسه إلا من هو على الطهارة من الناس، ومن الناس من حمله على القراءة أيضا.

وعن ابن عمر أنه قال: أحب إلي ألا يقرأ إلا وهو طاهر (٢). وعن ابن عباس أنه أباح قراءة القرآن للجنب (٣). ومنه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:" المسلم أخو المسلم؛ لا يظلمه ولا يسلمه " (٤) أي: ينبغي أن يكون كذلك.


(١) رواه بهذا اللفظ أحمد في المسند رقم (١٧٢٢٨)، ورواه البخاري في صحيحه رقم (١٠٧٧)، ومسلم رقم (١٢٦١) بلفظ" ينزل ربنا - تبارك وتعالى - كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير يقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له ". وهذا لفظ البخاري. وهذا الحديث معروف بحديث النزول وهو من صفات الله تعالى التي أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الثابت، وقد أشرنا من قبل إلى أن مثل هذه الصفات الثابتة لله - تعالى - يجب إثباتها كما أتت من غير تكييف ولا تمثيل ومن غير تأويل ولا تعطيل، وهذه هي عقيدة السلف الصالح - رضي الله عنهم - ومن تبعهم بإحسان.
(٢) ذكره الزمخشري في الكشاف (٤/ ٤٦٩).
(٣) ذكره الزمخشري في الكشاف (٤/ ٤٦٩) قال العيني في عمدة القاري (٣/ ٢٧٤):" ولم ير ابن عباس بالقراءة للجنب بأسا، هذا الأثر وصله ابن المنذر بلفظ أن ابن عباس كان يقرأ ورده وهو جنب وقال ابن أبي شيبة حدثنا الثقفي عن خالد عن عكرمة عن ابن عباس أنه كان لا يرى بأسا أن يقرأ الجنب الآية والآيتين، وكان أحمد يرخص للجنب أن يقرأ الآية ونحوها، وبه قال مالك، وقد حكي عنه أنه قال: تقرأ الحائض ولا يقرأ الجنب؛ لأن الحائض إذا لم تقرأ نسيت القرآن؛ لأن أيام الحائض تتطاول ومدة الجنابة لا تطول، وأراد البخاري بإيراد هذا وبما ذكره في هذا الباب الاستدلال على جواز قراءة الجنب والحائض لأن الذكر أعم من أن يكون بالقرآن أو بغيره وبه قال الطبري وابن المنذر وداود ".
(٤) رواه البخاري رقم (٢٢٦٢)، ومسلم رقم (٤٦٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>