للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الوسطى فدخلت لتدل على اجتماع الأول مع الثاني (٢٩٠ /أ) والثالث مع الرابع.

وقيل: الغالب؛ لقوله: {فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ} (١) {مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ} يريد أن الأموال التي بأيديكم ملك لله وأنتم تتصرفون فيها بإذنه كالوكلاء والنواب، فأنفقوا منها في حقوق الله وليهن عليكم الإنفاق منها؛ كما يهون على الرجل إذا أنفق من مال غيره، أو جعلكم مستخلفين عمن كان قبلكم في المال الذي بأيديهم وأيديكم، فاعتبروا بحالهم؛ كيف انتقل منهم إليكم؛ وسينقل منكم إلى غيركم! ولا تبخلوا، وارفعوا بالإنفاق منها أنفسكم.

{لا تُؤْمِنُونَ} حال من معنى الفعل في الجار والمجرور، والواو في {وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ} واو الحال؛ فهما حالان متداخلتان، وقد مضى ذكر نظيره في أوائل {اِقْتَرَبَ لِلنّاسِ حِسابُهُمْ} (٢) أي: قد ركب فيكم العقول التي تؤديكم إلى العلم بصفاته وأنه يثيب على الإنفاق أضعافا مضاعفة. {أَلاّ تُنْفِقُوا} أي: أي شيء لكم في ترك النفقة؟!

{وَلِلّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} سينتقل من أيديكم انتقال المال الموروث بعد هلاك صاحبه.

{لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ} أي: قبل فتح مكة، وكان الإسلام ضعيفا، فالنفقة في ذلك الوقت أصابت محلا قابلا، أي: ومن أنفق بعد ذلك؛ أي: بعد ما عزّ الإسلام ودخل الناس في دين الله أفواجا، فحذف ذكر القسم الثاني؛ لوضوح دلالة الكلام عليه.

{وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى} أي: المثوبة الحسنى، وقرئ:" كلّ "بالرفع (٣) مع أن الفعل لم يشتغل بضميره، وهو جائز؛ ولكنه قليل الاستعمال (٤). وقيل: نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله


(١) سورة الصف، الآية (١٤).
(٢) سورة الأنبياء، الآية (١).
(٣) قرأ بالرفع ابن عامر وحده والباقون بالنصب" وكلا".
تنظر في: الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ٢٧٤)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٦٢٥).
(٤) قال ابن مالك في شرح الكافية الشافية (١/ ١٤٧):" الجملة المخبر بها إن كانت نفس المبتدأ في المعنى فحكمها في الاستغناء عن ذكر يرجع إلى المبتدأ حكم المفرد الجامد، ولأجل ذلك لم يفتقر ضمير الشأن إلى ما يرجع إليه من الجملة المخبر عنه بها. فإن لم تكن الجملة نفس المبتدأ في المعنى وجب اشتمالها على ضمير يعود على المبتدأ، أو ما يقوم مقامه، وقد يحذف العائد إذا كان عند حذفه لا يجهل، فإن كان العائد مفعولا وكان المبتدأ. "كلا" أو شبهه جاز الحذف، وبقاء المبتدأ مبتدأ بلا خلاف، ومن ذلك قراءة ابن عامر "وكل وعد الله الحسنى" وكذا إذا كان المبتدأ شبيها ب‍ "كل" في العموم أو -

<<  <  ج: ص:  >  >>