للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا علم له به (١) والرجوم: جمع رجم، وهو ما يرجم به، وجعل الكواكب رجوما؛ أي: ذات رجوم؛ فإن الناس اختلفوا؛ فقال أكثرهم: إن الكواكب لا يرجم بها، بل يخرج منها نار، وهي المسماة {شِهاباً} يرجم بها الجني ويبقى الكوكب في مكانه لا يتغير. وقال آخرون:

يرجم بالكواكب، وهو ظاهر قوله: {وَجَعَلْناها رُجُوماً} {وَأَعْتَدْنا لَهُمْ} للجن المسترقة في الآخرة {عَذابَ السَّعِيرِ} {وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا} أي: من الشياطين وغيرهم. {سَمِعُوا لَها شَهِيقاً} ظاهر الآية أن الشهيق الذي يسمع هو من نفس جهنم. وقال آخرون: الشهيق لمن دخلها. قيل: وقت إلقائهم؛ كقوله تعالى:

{فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ} (٢) ووجه الجمع بين الآيتين حصول الأمرين معا.

{تَفُورُ} تغلي كما يغلي الحب في القدر، وقوله: {مِنَ الْغَيْظِ} شهادة تغيظها عليهم وإرادتها الانتقام منهم لله. ويجوز أن يراد الزبانية وغيظهم على أهل النار؛ كقوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ} (٣) {إِنْ أَنْتُمْ إِلاّ فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ} إما من كلام الله، أو من كلام الزبانية. وقيل: من كلام الكفار، وهو بعيد. {فَسُحْقاً} أي: بعدا لهم. {إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ} أي: بضمائرها.

{أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (١٤) هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (١٥) أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذا هِيَ تَمُورُ (١٦) أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (١٧) وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ (١٨) أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافّاتٍ وَيَقْبِضْنَ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ الرَّحْمنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ (١٩) أَمَّنْ هذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ إِنِ الْكافِرُونَ إِلاّ فِي غُرُورٍ (٢٠) أَمَّنْ هذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ (٢١) أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٢٢) قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ (٢٣) قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٢٤) وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٢٥) قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللهِ وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٢٦) فَلَمّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ (٢٧) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنا فَمَنْ يُجِيرُ الْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ (٢٨) قُلْ هُوَ الرَّحْمنُ آمَنّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٢٩)}


(١) رواه الطبري في تفسيره (١٤/ ٩١ - ٩٢) عن قتادة.
(٢) سورة هود، الآية (١٠٦).
(٣) سورة الطلاق، الآية (٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>