للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعليك بمناجاة الله التي تقتضي فراغ البال وانتفاء الشواغل.

لما ذكر أن الليل أعون على قيامه أمره بما يفعل فيه بقوله: {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ} أي:

بالتلاوة والتسبيح والتقديس والحمد والتهليل والاستغفار ودراسة العلم وكانت أوقات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مستغرقة في ذلك. {وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ} انقطع إليه انقطاعا. والقياس: تبتلا، فنقل إلى تبتيلا؛ لمراعآة الفواصل.

الهجر الجميل: أن تفارقهم بالقلب والهوى وتخالفهم مع حسن المخالقة والمداراة. وعن أبي الدرداء: "إنا لنكشر في وجوه أقوام وإن قلوبنا لتقليهم" (١).وقيل: هو منسوخ بآية السيف (٢).

{وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً (١١) إِنَّ لَدَيْنا أَنْكالاً وَجَحِيماً (١٢) وَطَعاماً ذا غُصَّةٍ وَعَذاباً أَلِيماً (١٣) يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ وَكانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً مَهِيلاً (١٤) إِنّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شاهِداً عَلَيْكُمْ كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً (١٥) فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْناهُ أَخْذاً وَبِيلاً (١٦) فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً (١٧)}

{وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ} إذا رأيت شخصا قد جنى عليك فقال من يريد نصرتك: ذرني وإياه، فأنا أكفيكه معناه: لا تتعب أنت في دفعه، فإني أفعل كلما يدفعه عنك فلا يكون في التهديد أبلغ من ذلك. والنّعمة بالفتح: التنعيم.

{إِنَّ لَدَيْنا} إن عندنا {أَنْكالاً} قيودا ثقالا إذا رفعتهم النار بلهيبها جذبتهم بثقلها إلى أسفل {وَجَحِيماً} ونارا مشتعلة. {وَعَذاباً أَلِيماً} من غير هذا الجنس لا يعلمه إلا الله.

{يَوْمَ تَرْجُفُ} منصوب بما في "لدينا" والرجفة: الزلزلة والزعزعة الشديدة. والكثيب من الرمل: المجتمع، تقول: كثب الشيء: إذا جمعه، وهو فعيل بمعنى مفعول، أي:

مكثوب، أي: كانت الجبال مثل الكثيب من الرمل أهيل هيلا، أي: نثر وأسيل.


(١) رواه البخاري في صحيحه تعليقا قبل رقم (٦١٣١) عن أبي الدرداء، وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (١٢/ ١٦٠): وصله ابن أبي الدنيا. وإبراهيم الحربي في غريب الحديث والدينوري في أعماله، ونسبه الزيلعي في تخريج أحاديث الكشاف للزمخشري (٤/ ١١٠) للبيهقي في شعب الإيمان.
(٢) آية السيف هي الآية (٢٩) من سورة التوبة قال تعالى: قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ (٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>