أجزيه. والثاني: خلقته وحدي لم يشاركني في خلقي أحد. أو حال من المخلوق، أي:
خلقه وحيدا لا مال له ولا جاه ولا قدرة؛ كقوله:{وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ}(١). وقيل: نزلت في الوليد بن المغيرة المخزومي وكان قومه يلقبونه بالوحيد، ولعله لقب بذلك بعد نزول الآية فإن كان ملقبا به قبل، فهو تهكم به وبلقبه الذي كانوا يقصدون به تعظيمه ورياسته وتقدمه في الدنيا، فنقل إلى وجه الذم والعيب فإنه خلق وحيدا لا مال له ولا ولد.
{مَمْدُوداً} مبسوطا كثيرا أو ممدا بالنعماء، من قولهم: مد النهر وأمده نهر آخر وكان له الزرع والضرع والتجارة. وقيل: كان له ما بين مكة والطائف مختلف الأنواع. وقيل: كان بستانا بالطائف لا تنقطع ثماره صيفا ولا شتاء. وقيل: كان له عشرة آلاف مثقال. وقيل:
ألف ألف.
{وَبَنِينَ شُهُوداً} حضورا معه بمكة لا يفارقونه لسفر ولا تجارة (٣٢٠ /أ) لأنهم كان لهم كفاة يقومون بمصالحهم. ويجوز أن يكون معناه: أن له بنين يشهدون معه المحافل ويحضرون في معاظم الأمور. وقيل: كان له عشرة أولاد ذكور. وقيل: ثلاثة عشر ذكورا خاصة، فمنهم خالد بن الوليد وعمارة وهشام. {وَمَهَّدْتُ لَهُ} وبسطت له الجاه العريض والرياسة وأتممت عليه نعمتي بالجاه والمال والأولاد.
كان الوليد من أكابر قريش وكان يقال له الوحيد وريحانة قريش. {ثُمَّ يَطْمَعُ} استبعاد واستنكار لطمعه وحرصه. يعني: أنه لا مزيد له على ما أعطي. ونقلوا أنه لم يتجدّد مال ولا ولد بعد هذه الآية، وهي قوله - تعالى -: {ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ}{كَلاّ} (وكان يقول: إن محمدا صادقا فما خلقت الجنة إلا لي. {كَلاّ} ردع لرجائه وطمعه. {إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً} تعليل للردع على وجه الاستئناف كأن قائلا قال: لم لم يزد؟ فقيل له: إنه معاند لآيات الله وغير شاكر لنعمه، ومن فعل ذلك لم يستحق المزيد. {سَأُرْهِقُهُ} سأغشيه عقبة شاقة المصعد وهو مثل لما يلقى من أنواع العذاب. وعن النبي صلى الله عليه وسلم: "يكلف أن يصعد عقبة في