للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكاية قول الله - تعالى. الخوض: الشروع في الباطل وما لا ينبغي. فإن قلت: أتريدون أن كل واحد فعل الأمور الأربعة، أو هذا فعل بعضا وذاك بعضا؟ قلت: تحتمل الأمرين جميعا. واليقين: الموت ومقدماته لم نقبل؛ لأن الشفاعة إنما تكون لمن ارتضى، وهؤلاء مغضوب عليهم غير مرضيين. {عَنِ التَّذْكِرَةِ} عن الموعظة، يريد: القرآن وغيره من المواعظ. {مُعْرِضِينَ} نصب على الحال. {مُسْتَنْفِرَةٌ} شديدة النفار؛ كأنها تستدعي النفار من نفسها في جمعها له وحملها عليه. وقرئ بالفتح (١) وهي المنفرة المحمولة على النفار.

والقسورة: جماعة الرماة الذين يتصيدونها.

وقيل: الأسد، يقال: ليوث قساور وهي فعولة من القسر والإلجاء.

وعن ابن عباس - رضي الله عنهما -: القسورة ركز الناس وأصواتهم (٢). وعن عكرمة: ظلمة الليل (٣). وتشبيههم بالحمر تهجين لحالهم؛ كما في قوله تعالى: {كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً} (٤) وشهادة عليهم بالبله. ولا ترى مثل نفار حمار الوحش وأكثر ما يشبه العرب إبلهم في سرعة سيرها بحمار الوحش. {صُحُفاً مُنَشَّرَةً} أي: نزلت من السماء ببلوغ الكفار ما يتمنون من النجاة، وذلك أنهم قالوا: {وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ} (٥) فيه اسم كل واحد منا.

{كَلاّ بَلْ لا يَخافُونَ الْآخِرَةَ (٥٣) كَلاّ إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ (٥٤) فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ (٥٥) وَما يَذْكُرُونَ إِلاّ أَنْ يَشاءَ اللهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ (٥٦)}

{كَلاّ بَلْ لا يَخافُونَ الْآخِرَةَ} فلذلك أعرضوا عن التذكرة. قيل: إن القرآن تذكرة بليغة لا


(١) قرأ بها نافع وابن عامر وأبو جعفر، وقرأ الباقون "مستنفرة" بالكسر.
تنظر القراءات في: البحر المحيط لأبي حيان (٨/ ٣٨٠)، الحجة لابن خالويه (ص: ٣٥٥)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ٤٢٢)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٦٦٠)، الكشاف للزمخشري (٤/ ٦٥٦)، النشر لابن الجزري (٢/ ٣٩٣).
(٢) رواه الطبري في تفسيره (٢٩/ ١٧٠)، ونسبه السيوطي في الدر المنثور (٨/ ٣٣٩) لسفيان بن عيينة في تفسيره وعبد الرزاق وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما.
(٣) ذكره الزمخشري في الكشاف (٤/ ٦٥٦).
(٤) سورة الجمعة، الآية (٥).
(٥) سورة الإسراء، الآية (٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>