للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحفظه. {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ} إذا أشكل عليك فهم معناه كأنه كان يستعجل في القراءة يراسل جبريل، ويسأل جبريل عن معانيه كما ترى بعض الحراص على العلم ونحوه {وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ} (١) كله نهي لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن العجلة وحثه على التأني فإذا فرغ جبريل من قراءته فاقرأه حينئذ.

الوجه عبارة عن الجملة. والناضرة: من نضرة النعيم. {إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ} تنظر إلى ربها خاصة لتقدم المجرور. والباسر: السيئ الخلق الشديد العبوس. والباسل أشد منه لكنه غلب استعماله في الشجاع إذا اشتد كلوحه. {فاقِرَةٌ} داهية تقصم فقار الظهر كما توقعت الوجوه الناضرة أن يفعل معها كل خير.

{كَلاّ إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ (٢٦) وَقِيلَ مَنْ راقٍ (٢٧) وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ (٢٨) وَالْتَفَّتِ السّاقُ بِالسّاقِ (٢٩) إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ (٣٠) فَلا صَدَّقَ وَلا صَلّى (٣١) وَلكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلّى (٣٢) ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطّى (٣٣) أَوْلى لَكَ فَأَوْلى (٣٤) ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى (٣٥) أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً (٣٦) أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى (٣٧) ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوّى (٣٨) فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى (٣٩) أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى (٤٠)}

{كَلاّ} ردع عن إيثار الدنيا على الآخرة الذي عنده تنقطع العاجلة عنكم وتنتقلون إلى الآجلة وإن لم يجر لها ذكر؛ لدلالة الكلام عليها ما قال حاتم [من الطويل]:

أماويّ ما يغني الثراء عن الفتى ... إذا حشرجت يوما وضاق بها الصّدر (٢)

تقول العرب: أرسلت. تريد المطر، ولا تكاد تسمعهم يقولون: أرسلت السماء مطرها {التَّراقِيَ} العظام المكتنفة لثغرة النحر عن يمين وشمال. {وَقِيلَ مَنْ راقٍ} من يرقى بروحه أملائكة الرحمة أم ملائكة العذاب؟ ذكرهم صعوبة الموت الذي هو أول منازل الآخرة حين تبلغ الروح التراقي وقد دنا زهوقها. وقال أصحاب المحتضر: {مَنْ راقٍ} أيكم يرقيه مما به.

وقيل: هو قول (٣٢٣ /ب) الملائكة بعضهم لبعض: أيكم يرقى بروحه، أملائكة


(١) سورة طه، الآية (١١٤).
(٢) ينظر في: تفسير الطبري (١٣/ ٣٠)، غريب الحديث لابن سلام (٣/ ٨٠)، غريب الحديث للخطابي (٢/ ٢٣٢)، الكشاف للزمخشري (٤/ ٦٦٣)، لسان العرب (قرن).

<<  <  ج: ص:  >  >>