للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخوفا من عقابه. ووصف اليوم بالعبوس مجازا ما وصف بصفة أهله؛ كقولك: نهارك صائم وليلك قائم. أو أن يشبه في عبوسه بالأسد العبوس. والقمطرير: الشديد العبوس، فيقال: اقمطرّت الناقة: إذا رفعت ذنبها وجمعت قطريها ورمت بأنفسها فاشتقه من القطر وجعل الميم مزيدة. وأعطاهم بدل عبوس اليوم {نَضْرَةً وَسُرُوراً} نضرة في الوجوه وسرورا في القلب. {وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا} وروي: أن الحسن والحسين مرضا، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم لعلى: لو نذرت نذرا لولدك. فنذر علي وفاطمة وفضة خادمتهم نذرا لذلك، فلما شفاهما الله - تعالى - لم يكن عند علي شيء، فاقترض من يهودي ثلاثة آصع من شعير فصنعتها فاطمة خمسة أقراص، فلما قدموها للإفطار وقف مسكين على باب دارهم وقال: يا أمة محمد مسكين من مساكين أمة محمد جائع أطعمونا أطعمكم الله من ثمار الجنة، فآثروه بالكل فلما أصبحوا في اليوم الثاني فعلوا كالأمس فجاء وقت الإفطار يتيم وذكر حاجته وفقره فآثروه بالجميع. وفي اليوم الثالث فعل علي كما فعل بالأمس فجاء أسير جائع فآثروه بالكل فجاء النبي صلّى الله عليه وسلّم فرأى ما بهم من الجهد، فشق عليه، فأنزل الله تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً} (١). والزمهرير القمر قال الشاعر [من الكامل]:

وليلة ظلامها قد اعتكر ... قطعتها والزمهرير ما زهر (٢)

وقيل: الزمهرير: شدة البرد.

{وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلاً (١٤) وَيُطافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوابٍ كانَتْ قَوارِيرَا (١٥) قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوها تَقْدِيراً (١٦) وَيُسْقَوْنَ فِيها كَأْساً كانَ مِزاجُها زَنْجَبِيلاً (١٧)}


(١) ذكره الزيلعي في تخريج الأحاديث والآثار التي في الكشاف (٤/ ١٣٣ - ١٣٤)، والحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث الكشاف (ص: ١٨٠)، ونسباه للثعلبي في تفسيره عن ابن عباس. وذكره الواحدي مختصرا في أسباب النزول (ص: ٤٧٠) رقم (٨٤٤)، ونسبه السيوطي في الدر المنثور (٦/ ٢٩٩) لابن مردويه، ونقل الحافظ ابن حجر عن الحكيم الترمذي قوله:" ومن الأحاديث التي تنكرها القلوب حديث رووه عن مجاهد عن ابن عباس ... فذكره وفيه شعر ثم قال: هذا حديث مزوق مفتعل لا يروج إلا على أحمق جاهل. وقال الحافظ ابن حجر كذلك: ورواه ابن الجوزي في الموضوعات من طريق أبي عبد الله السمرقندي عن محمد بن كثير عن الأصبغ بن نباتة وقال ابن الجوزي: وهذا لا نشك في وضعه.
(٢) ينظر البيت في: البحر المحيط لأبي حيان (٨/ ٣٩٦)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ٤٤٣)، الكشاف للزمخشري (٤/ ٦٧٠)، مختار الصحاح (زمهر).

<<  <  ج: ص:  >  >>