للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{اِنْطَلِقُوا إِلى ما كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢٩) اِنْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ (٣٠) لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ (٣١) إِنَّها تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ (٣٢) كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ (٣٣) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٣٤) هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ (٣٥)}

الكفات: من كفت الشيء إذا ضمه وجمعه وهو اسم لما يجمع ويضم؛ كقوله الضمام والجماع وبه انتصب {أَحْياءً وَأَمْواتاً} كأنه قال: كفاتا لهم أحياء وأمواتا. والمعنى: تكفتهم أحياء على ظهرها، وأمواتا في بطنها. وإنما نكر أحياء وأمواتا؛ تفخيما لأمرهم وتعظيما لشأنهم. ويجوز أن يكون المعنى: يكفتكم أحياء وأمواتا فينصبا على الحال من الضمير؛ لأنه قد علم أنها كفاته للأنس، والتنكير في {رَواسِيَ شامِخاتٍ} و {ماءً فُراتاً} للتبعيض لأن في السماء مياها قال الله: {وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ} (١). {اِنْطَلِقُوا} على إرادة القول أي: يقال لهم: {اِنْطَلِقُوا إِلى ما كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ} من العذاب. وانطلقوا الثانية تكرير. {إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ} أي: دخان حميم وهكذا الدخان العظيم يتفرق ذوائب. وقيل: يخرج لسان من النار أي: يحيط بالكفار كالسرادق فيتشعب ثلاث شعب إلى حيث يفرغ من حسابهم والمؤمنون في ظل العرش. {لا ظَلِيلٍ} تهكم بهم {وَلا يُغْنِي} في محل الجر. {بِشَرَرٍ} أي:

على شرره كالقصر. وقيل: هو الغليظة من الشجر. وقرئ: "كالقصر" بفتحتين، وهي أعناق الإبل وأعناق النخل. وقرئ "كالقصر" بضمتين (٢) جمع "قصر"؛ كرهن ورهن.

و {جِمالَتٌ} جمع "جمال" أو (٣٢٦ /ب) جمع جمالة. وقيل: صفر سود. قال عمران بن حطان الخارجي (٣):

دعتهم بأعلى صوتها ورمتهم ... بمثل الجبال الصفر نزاعة الشّوى (٤)


(١) سورة النور، الآية (٤٣).
(٢) قرأ "كالقصر" ابن عباس ومجاهد وحميد والسلمي والحسن، وقرأ ابن مسعود "كالقصر".
تنظر في: البحر المحيط (٨/ ٤٠٧)، تفسير القرطبي (١٩/ ١٦٤)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ٤٥٨)، فتح القدير للشوكاني (٥/ ٣٥٩)، الكشاف للزمخشري (٤/ ٦٨٠).
(٣) هو عمران بن حطان بن ظبيان بن لوذان بن الحارث بن سدوس السدوسي، ويقال: الذهلي. يكنى أبا شهاب، تابعي مشهور وكان من رؤوس الخوارج، مات سنة أربع وثمانين من الهجرة.
تنظر ترجمته في: الإصابة في تمييز الصحابة (٥/ ٣٠٣ - ٣٠٥).
(٤) ينظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٨/ ٤٠٧)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ٤٥٩)، الكشاف للزمخشري (٤/ ٦٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>