للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحجة، فيقول: غرني كرم الكريم، وأغره غيره: جعله غارا.

{الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوّاكَ فَعَدَلَكَ (٧) فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ (٨) كَلاّ بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ (٩) وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ (١٠) كِراماً كاتِبِينَ (١١) يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ (١٢) إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ (١٣) وَإِنَّ الْفُجّارَ لَفِي جَحِيمٍ (١٤) يَصْلَوْنَها يَوْمَ الدِّينِ (١٥) وَما هُمْ عَنْها بِغائِبِينَ (١٦)}

{فَسَوّاكَ} فخلقك سويا سالم الأعضاء." فعدّلك "فصيرك معتدلا متناسب الخلق غير متفاوت فيه، فلم يجعل إحدى اليدين أطول، ولا إحدى العينين أوسع، ولا بعض الأعضاء أبيض وبعضها أسود، ولا بعض الشعر فاحما وبعضه أشقر، وجعلك قائما منتصبا تمشي على رجلين لا كالبهائم. وقرئ: {فَعَدَلَكَ} بالتخفيف (١) وفيه وجهان: أحدهما: أن يراد بالتخفيف معنى التشديد. والثاني: فعدلك: فصرفك عن خلقة غيرك، وخلقك خلقة حسنة مفارقة لسائر الخلق، أو: فعدلك إلى بعض الأشكال والهيئات.

و" ما "في {ما شاءَ} مزيدة في الحسن والقبح، والطول والقصر، والذكورة والأنوثة، والشبه ببعض الأقارب، وخلاف الشبه. فإن قلت: هلا عطفت هذه الجملة كما عطف ما قبلها؟ قلت: لأنها بيان ل‍" عدلك ". فإن قلت: بم يتعلق الجار؟ قلت: يجوز أن يتعلق ب‍ " ركبك "والمعنى: أنه صورك في أي الصور شاء، ويجوز أن يتعلق بمحذوف حاصلا في بعض الصور، ومحله النصب على الحال (٣٣٣ /أ) إذا علق بمحذوف. ويجوز أن يتعلق ب‍" عدلك "ويكون في" أي "معنى التعجب أي: فعدلك في صورة عجيبة. ثم قال: {ما شاءَ رَكَّبَكَ} والمعنى: ما شاء من التركيب أي: تركيبا حسنا. {كَلاّ} ردع عن التعلق بكرم الله، والطمع في الغفران من غير توبة. {بِالدِّينِ} بالجزاء، أو بدين الإسلام. {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ}


= الشين - نسبة إلى الحشو. وقيل: المراد بالحشوية طائفة لا يرون البحث في آيات الصفات التي يتعذر إجراؤها على ظاهرها بل يؤمنون بما أراده الله مع جزمهم بأن الظاهر غير مراد ويفوضون التأويل إلى الله، وعلى هذا إطلاق الحشوية عليهم غير مستحسن لأنه مذهب السلف. اهـ‍ من كشاف اصطلاحات الفنون للتهانوي الحنفي (١/ ٥٤٣).
(١) قرأ عاصم وحمزة والكسائي وخلف" فعدلك "بالتخفيف، وقرا الباقون" فعدّلك "بالتشديد.
تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٨/ ٤٣٧)، الحجة لابن خالويه (ص: ٣٦٤)، الحجة لأبي زرعة (ص: ٧٥٣)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ٤٨٨)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٦٧٤)، الكشاف للزمخشري (٤/ ٧١٦)، النشر لابن الجزري (٢/ ٣٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>