للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كبد الرجل كبدا: إذا وضع كبده، قال لبيد [من المنسرح]:

يا عين هلا بكيت أربد إذ ... قمنا وقام الخصوم في كبد (١)

أيحسب أن لا بعث، ولا مجازاة، فيسلم من العقاب في ظنه.

{مالاً لُبَداً} يفتخر (٣٤١ /أ) بكثرة ما أنفق في الأمور التي كان يعدّها أهل الجاهلية مكارم. {وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ} أي: طريقي الخير والشر. وقيل: الثديين.

{فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (١١) وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ (١٢) فَكُّ رَقَبَةٍ (١٣) أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (١٤) يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ (١٥) أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ (١٦) ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (١٧) أُولئِكَ أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ (١٨) وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا هُمْ أَصْحابُ الْمَشْأَمَةِ (١٩) عَلَيْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَةٌ (٢٠)}

{فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ} أي: فلم يشكر تلك النعم، والمعنى: أن إطعام اليتيم والمسكين، أوفك رقبة من الأسر أو الملك بالعتق، ووقعت "لا" غير مكررة مع الفعل الماضي، وليست بدعاء، وذلك لا يقع إلا قليلا.

ووجهه أنها متكررة في المعنى والتقدير: فلا اقتحم العقبة، ولا أطعم مسكينا، ولا فك رقبة، ألا ترى المعنى: فلا اقتحم العقبة، ولا آمن. والاقتحام: الدخول في الشيء بعنف. قال الحسن: عقبة والله شديدة؛ مجاهدة الإنسان نفسه وشيطانه وهواه وعدوه (٢).

وروي: أن رجلا قال: يا رسول الله؛ دلني على عمل يدخلني الجنة قال: "تعتق النسمة وتفك الرقبة. قال أو ليسا سواء؟ قال: لا؛ إعتاقها: أن تنفرد بعتقها، وفكها: أن تعين في تخليصها من قود أو غرم" (٣).

وقوله: {وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ} اعتراض. ومعناه: لم تدر كنه صعوبتها على النفس، وكنه ثوابها عند الله. والمسغبة والمقربة والمتربة: مفعلات من سغب وقرب وترب.

وترب الرجل: إذا افتقر، كأنه لصق بالتراب من العدم. {ذا مَتْرَبَةٍ} مأواه المزابل، وأتى


(١) ينظر البيت في: البحر المحيط (٨/ ٤٧٣)، الدر المنثور للسيوطي (٨/ ٥٢٠)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ٥٢٥)، الكشاف للزمخشري (٤/ ٧٠٤)، لسان العرب (عدل).
(٢) ذكره الزمخشري في الكشاف (٤/ ٧٥٦).
(٣) رواه أحمد في المسند (٤/ ٢٩٩)، وابن حبان رقم (٣٧٤)، والحاكم في المستدرك (٢/ ٢١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>