للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منهم من يتوكأ على صاحبه، وقال عليه السّلام: «لا يخرجن معنا إلا من كان شهد الوقعة»، وخرج المسلمون سالمين، وجاء نعيم بن مسعود (١) وكان إذ ذاك كافرا، لكنه كان محبّا للنبي صلّى الله عليه وسلم، فقال: يا محمد، عز علينا ما جرى على أصحابك، إني ذاهب إلى أبي سفيان بن حرب أخذله عنكم (٢)، فقال له: افعل. فلحق بأبي سفيان وهو يريد الرجوع إلى المدينة، فقال له: ليس هذا برأي، قد قاتلتموهم وانتصرتم عليهم، ألا ترجعوا؛ لئلا تكون الكرة عليكم، فيذهب ما انتشر لكم في البلاد من السمعة، ولقد رأيت محمدا وأصحابه قد جمعوا خيلا ورجلا كثيرا وهم يتحرقون عليكم تحرقا، حتى قلت أبياتا منها:

كادت تهدّ من الأصوات راحلتي ... إذا سالت الأرض بالجرد الأبابيل

{الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (١٧٢) الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النّاسُ إِنَّ النّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (١٧٣) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوانَ اللهِ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (١٧٤) إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ فَلا تَخافُوهُمْ وَخافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١٧٥) وَلا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً يُرِيدُ اللهُ أَلاّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (١٧٦) إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيْمانِ لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٧٧) وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (١٧٨) ما كانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَما كانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلكِنَّ اللهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشاءُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ (١٧٩) وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلِلّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (١٨٠) لَقَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ سَنَكْتُبُ ما قالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ (١٨١)}


(١) هو نعيم بن مسعود بن عامر، أسلم أيام الخندق، وموقفه في تخذيل المشركين وبنى قريظة يوم الأحزاب مشهور مشهود له، سكن المدينة وتوفي في خلافة عثمان رضي الله عنه.
تنظر ترجمته في: الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر (٣/ ٥٦٨).
(٢) أخذله عنكم: يقال: خذل فلانا وخذل عنه: تخلى عن عونه ونصرته، وخذله: حمله على الفشل وترك القتال، وخذل عنه أصحابه حملهم على خذله. ينظر: لسان العرب (خذل).

<<  <  ج: ص:  >  >>