للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قيل في قوله: {وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً} هو قول الولي للزوج: أزوجك على ما (٣٢ /أ) أمر الله به من إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، ومن دأب الإنسان إذا تزوج ثيبا أن يبغض زوجها الأول، ويود أن ينتقصه كلما ذكر، فلو جوز له أن يتزوج امرأة أبيه، لأفضي إلى بغضه لأبيه، وانتقاصه ومقته، وكانوا يسمون الوالد من زوجة الأب:

المقتي، ولذلك قال - تعالى: {إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَمَقْتاً} وقوله: {ما نَكَحَ آباؤُكُمْ} يعني بالنكاح: العقد.

وقال أبو حنيفة: المراد به الوطء، فإذا زنى رجل بامرأة، حرمت على ابنه عنده، وعند الشافعي: الزنى لا يحرم الحلال (١).

{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ وَأَخَواتُكُمْ وَعَمّاتُكُمْ وَخالاتُكُمْ وَبَناتُ الْأَخِ وَبَناتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهاتُكُمُ اللاّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَواتُكُمْ مِنَ الرَّضاعَةِ وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ وَرَبائِبُكُمُ اللاّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللاّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ}


= وهو جزء من قصة المرأة التي اعترضت أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه عندما أراد أن يحدد قدرا معينا من المهور في الزواج، وهو أمر شائع ومشهور بين الناس، وقد قال العلامة الشيخ ناصر الألباني - رحمه الله - في إرواء الغليل (٦/ ٣٤٧ - ٣٤٨): أما ما شاع على الألسنة من اعتراض المرأة على عمر فهو ضعيف منكر، يرويه مجالد عن الشعبي عن عمر، وله طريق عند عبد الرزاق في المصنف (٦/ ١٨٠)، رقم (١٠٤٢٠) وقال الشيخ الألباني عن هذا الطريق: إسناده ضعيف.
(١) قال الشيخ رشيد رضا في تفسير المنار (٤/ ٤٧٩): يرى الأحناف أن من زنى بامرأة، أو لمسها أو قبلها أو نظر إلى فرجها بشهوة حرم عليه أصولها وفروعها وتحرم هي على أصوله وفروعه، وتثبت حرمة المصاهرة عندهم بالزنى ومقدماته ودواعيه، ولو زنى الرجل بأم زوجته أو بنتها حرمت عليه حرمة مؤبدة. ويرى جمهور العلماء أن الزنى لا تثبت به حرمة المصاهرة. واستدل الجمهور على هذا بما يأتي: بقوله - تعالى: وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ فهذا بيان عما يحل من النساء بعد بيان ما حرم منهن، ولم يذكر أن الزنى من أسباب التحريم. وقال النبي صلّى الله عليه وسلم: «لا يحرم الحرام الحلال، إنما يحرم ما كان بنكاح» وقد سأله رجل زنى بامرأة وأراد أن يتزوجها أو يتزوج ابنتها. ثم إن هذه مسألة مما تمس إليها الحاجة وتعم بها البلوى وما كان الشارع ليسكت عنها أو يفصل فيها، وقد كانوا قريبي عهد بجاهلية تفشى فيها الزنى، فلو فهم أحد منهم أن لذلك مدركا في الشرع أو تدل عليه علة وحكمة لسألوا عن ذلك وتوفرت الدواعي على نقل ما يفتون به. وينظر في ذلك: المبسوط للسرخسي (٤/ ٤١)، مختصر المزني (١/ ١٨١)، المغني لابن قدامة (٧/ ٤٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>