للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

انفسخ نكاحها، وحل للمسلمين أن يتزوجوها.

{كِتابَ اللهِ} نصب على المصدر، ولا ينتصب على الإغراء؛ لأن معمول المجرور لا يتقدم عليه. {وَأُحِلَّ لَكُمْ ما} عدا {ذلِكُمْ} ثم فسره بقوله: {أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ} {غَيْرَ مُسافِحِينَ} غير واطئين بالزنى. وكانت المتعة في إبتداء الإسلام بقوله: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ}.

ثم نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلم عنها يوم خيبر (١).

ومن لم يكن تحته حرة ولا قدر على مهر حرة مسلمة جاز له أن يتزوج الأمة إذا خاف من الوقوع في الزنى، فإن قدر على نكاح حرة كتابية، فقد اختلف فيه مذهب الشافعي ووجه اشتراط إيمانها قوله: {أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ} وكذلك الأمة التي ينكحها في جواز كونها كتابية وجهان (٢) لقوله - تعالى: {فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ}. قوله: {وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} أي: أعطوا ساداتهن مهورهن.

{وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ وَاللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَناتٍ غَيْرَ مُسافِحاتٍ وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ فَإِذا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ ذلِكَ لِمَنْ}


(١) قال ابن كثير في تفسيره (١/ ٤٧٤): زواج المتعة كان مشروعا في ابتداء الإسلام ثم نسخ بعد ذلك، وقد ذهب الشافعي وطائفة من العلماء إلى أنه أبيح ثم نسخ ثم أبيح ثم نسخ مرتين. وقال آخرون: أكثر من ذلك. وقال آخرون: إنما أبيح مرة ثم نسخ ولم يبح بعد ذلك، وقد روي عن ابن عباس وطائفة من الصحابة القول بإباحتها للضرورة، وهو رواية عن الإمام أحمد وكان ابن عباس وأبي كعب وسعيد بن جبير والسدي يقرؤون: (فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن أجورهن فريضة) وقال مجاهد: نزلت في نكاح المتعة. ولكن الجمهور على خلاف ذلك. والعمدة ما ثبت في الصحيحين عن أمير المؤمنين على بن أبي طالب قال: «نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن نكاح المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر». وروى مسلم عن سبرة بن معبد الجهني: «أنه غزا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوم فتح مكة فقال: يا أيها الناس إني كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيله، ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئا.
وينظر في ذلك: الأم للشافعي (٥/ ٢٥٦)، المغني لابن قدامة (٧/ ٥٧١).
(٢) ينظر: الأم للشافعي (٥/ ١٥)، بدائع الصنائع للكاساني (٢/ ٥٤٦)، المغني لابن قدامة (٧/ ٥١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>