للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ} في التحامل على زيد السمين، ثم عرض لطعمة بالتوبة بقوله: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ} الآيات {وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّما يَكْسِبُهُ عَلى نَفْسِهِ} {لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ} أي: يحملونك على التحامل على زيد السمين ثم اجتمع أصحاب طعمة يتشاورون، فنزلت {لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلاّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النّاسِ}.

وفي الحديث: «كلام ابن آدم كله عليه لا له، إلا أمر بمعروف، أو نهي عن منكر، أو ذكر لله - تعالى» (١).

{وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً (١١٥) إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً (١١٦) إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاّ إِناثاً وَإِنْ يَدْعُونَ إِلاّ شَيْطاناً مَرِيداً (١١٧) لَعَنَهُ اللهُ وَقالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً (١١٨) وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْراناً مُبِيناً (١١٩)}

ثم إن طعمة افتضح، ولحقه الحياء فرجع إلى مكة، وكفر بعد إسلامه {وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً} (١١٥) (٢).

{إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} هذه الآية مطابقة لمذهب أهل السنة في أن الله - تعالى - لا يغفر الشرك إلا بالإسلام، وأما الكبائر والصغائر فأمرها موكول إلى المشيئة إن شاء الله عذب، وإن شاء عفا، ومذهب المعتزلة: أن من مات وفعل كبيرة ولم يتب أو أصر على


(١) رواه الترمذي رقم (٢٤١٢) وقال: غريب، وابن ماجه رقم (٣٩٧٤)، والحاكم في المستدرك (٢/ ٥١٢)، وذكره السيوطي في الدر المنثور (٢/ ٢٢٠)، وزاد نسبته لعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن أبي الدنيا في الصمت، وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان من حديث أم حبيبة، وضعفه الألباني في ضعيف الترمذي رقم (٤٢٤).
(٢) رواه الطبري في تفسيره (٥/ ٢٦٧)، ونسبه السيوطي في الدر المنثور (٢/ ٦٧٢) لعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة. وفيهما فنافق بدل كفر.

<<  <  ج: ص:  >  >>