للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ} كناية عن احتياجهما إلى خروج الخبث الذي يستحيى من التلفظ به {يُؤْفَكُونَ} يقلبون عن الحق. والمؤتفكات: قرى قوم لوط؛ لأنها قلبت بهم. كان النبي صلّى الله عليه وسلم قد مني (١) بمجاورة اليهود، وكانوا يدّعون العلم بما في التوراة، فلما ظهرت معجزات النبي صلّى الله عليه وسلم وصدقه عادوه، ولم يكن بجواره أحد من النصارى، فكان يجد أشد الناس عداوة اليهود، وأما المشركون فهم جهلة، نقلوا عن آبائهم عقائد فاسدة، فاقتدوا بهم فيها، ولم يرجعوا عنها، وعادوا كل من يروم منهم الرجوع عنها، وكان قد ورد المدينة جماعة من النصارى يجادلون في دينهم، فلما تلوا عليهم القرآن بكوا وصدقوا وجعل علة تصديقهم بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم غير مستكبرين، فإنهم إذا سمعوا القرآن بكوا، واعترفوا بأنهم عرفوا أنه الحق، وسألوا الله - تعالى - أن يميتهم في زمرة من يشهد لمحمد بالرسالة، وأقبلوا على نفوسهم باللوم، وإن أخروا الإجابة والقبول، فمن لم يكن علمه وتعبده بهذه الصفة فليس مراعيا للإذعان بالحق، ولم يكن مستكبرا، وكان خاشع القلب، سريع الدمعة، أعد له الثواب المذكور في آخر هذه الآية. والقسيس: العالم.

والراهب: الخائف من الله.

{وَإِذا سَمِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنّا فَاكْتُبْنا مَعَ الشّاهِدِينَ (٨٣) وَما لَنا لا نُؤْمِنُ بِاللهِ وَما جاءَنا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنا رَبُّنا مَعَ الْقَوْمِ الصّالِحِينَ (٨٤) فَأَثابَهُمُ اللهُ بِما قالُوا جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ (٨٥) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ (٨٦) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (٨٧) وَكُلُوا مِمّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلالاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (٨٨) لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ فَكَفّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ ذلِكَ كَفّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٨٩)}

قوله: (ونطمع) جملة حالية، وتقديرها: ونحن نطمع، ويكون الحال جملة اسمية،


(١) يقال: منيت بكذا وكذا: ابتليت به، ومناه الله بحبها يمنيه ويمنوه أي: ابتلاه بحبها منيا ومنوا.
ينظر: لسان العرب (مني).

<<  <  ج: ص:  >  >>