للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَالْأَنْصابُ} الأصنام. وقيل: حجارة تذبح عليها للأصنام. {وَالْأَزْلامُ} سهام صغار وقد تقدم ذكرها (١). والرجس: المبعد من عمل الشيطان مما وسوس به، وقد عدد - سبحانه وتعالى - صوارف موانع من شرب الخمر، والاستقسام بالأزلام، ومعاناة الميسر منها: أنها رجس، ومنها: أنها من عمل الشيطان، ومنها: الأمر باجتناب ذلك، ومنها: أن باجتناب ذلك يحصل الفلاح، ومنها: أن فعل ذلك يورث العداوة والبغضاء ويصد عن ذكر الله وعن الصلاة، ثم أتبع ذلك استفهام الإنكار، بقوله: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} ولهذا قال عمر لما نزلت هذه الآية: انتهينا يا رسول الله، انتهينا (٢). ولما نزل تحريم الخمر، قال بعض المسلمين: كيف بإخواننا الذين ماتوا وهم يشربون الخمر قبل تحريمها؟ فنزلت {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ جُناحٌ} الآية (٣).

ابتلى الله المؤمنين عام الحديبية، وهم يحرمون بالصيد فكانت الغزلان وحمر الوحش تدخل بين الإنسان وبين رجله، فيتمكن الإنسان من إمساكها بيده (٤)، كما ابتلى أصحاب طالوت بتحريم شرب ماء نهر، مع شدة العطش إلا من اغترف غرفة بيده، وكذلك ابتلى أهل «أيلة» بتحريم الصيد يوم السبت، فكانت الحيتان تأوي ليلة السبت إلى شاطئ البحر كأنها كباش سمان؛ ليظهر بهذا الابتلاء المطيع من العاصي.

{لِيَعْلَمَ اللهُ} علما يتعلق به الجزاء، فإن علمه في الأزل أن زيدا سيعصي لا يستحق عقوبة. أو ليرى؛ فإن الرؤية لابد فيها من وجود المرئي.

أراد بالصيد: المصيد. وقوله: {مِنَ النَّعَمِ} خبر لقوله: {فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ}.

وروي أن سائلا سأل عمر بن الخطاب عن محرم قتل أرشا، وكان عبد الرحمن بن عوف حاضرا، فسأل عمر بن الخطاب عبد الرحمن بن عوف عن جزائه، فاتفقا على أمر، فأفتاه عمر بما اتفقا عليه، فقال المستفتي لرجل كان معه: ما درى أمير المؤمنين ما تقول حتى علمه


(١) في الآية (٣) من سورة المائدة.
(٢) رواه الطبري في تفسيره (٧/ ٣٣).
(٣) رواه الترمذي في الجامع الصحيح رقم (٣٠٥١)، والطبري في تفسيره (٧/ ٢٥)، والواحدي في أسباب النزول (ص: ٢١٢) رقم (٤١٦) وقال الترمذي: حسن صحيح.
(٤) ينظر: الكشاف للزمخشري (١/ ٦٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>