للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{الْقَيِّمَةِ} أي: ليجمعنكم في البرزخ جيلا بعد جيل إلى أن ينفخ في الصور. وقيل: {إِلى} بمعنى في. {الَّذِينَ خَسِرُوا} نصب على الذم، أو رفع على أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره: أنتم الذين. {وَلَهُ ما سَكَنَ} من السكنى. {وَسَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ} (١).

{وَهُوَ السَّمِيعُ} لكل مسموع {الْعَلِيمُ} بكل مسموع. وقوله {أَتَّخِذُ وَلِيًّا فاطِرِ} فصل بها بين الموصوف الذي هو اسم الله، والصفة التي هى فاطر. وقرئ {وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ} (٢) والضمير يعود إلى غير الله. زعم الرمانى (٣) أن قوله: {إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي} جملة معترضة بمعنى الحال، ولا جواب ل‍ «إن» وهذا خلاف المشهور (٤) {وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ} المستعلي عليهم علوا معنويا. {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللهُ} يدل على أن الله - تعالى - يسمى شيئا ومنهم من منع ذلك؛ لأن الله - تعالى - له الأسماء الحسنى، ولفظ الشيء لا مدح فيه. قوله: {وَمَنْ بَلَغَ} كل من سمع القرآن، فهو مخاطب به من جهة الله - تعالى.

{الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٢٠)}


(١) سورة إبراهيم، الآية (٤٥).
(٢) القراءة المشهورة وهي قراءة العامة من القراء: «وهو يطعم ولا يطعم» والضمير لله - تعالى - والمعنى: وهو يرزق ولا يرزق. وقرأ سعيد بن جبير ومجاهد والأعمش وتروى عن أبي عمرو بن العلاء «ولا يطعم» بمعنى: ولا يأكل، والضمير لله - تعالى - أيضا. وقرأ ابن أبي عبلة ويمان العماني وتروى عن يعقوب «وهو يطعم ولا يطعم» والضمير عائد على غير الله كما ذكر هنا. وهناك قراءات أخرى تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٨٦، ٤/ ٨٥)، الدر المصون للسمين الحلبي (٣/ ٢١)، فتح القدير للشوكاني (٢/ ١٠٤)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٩)، مختصر الشواذ لابن خالويه (ص: ٣٦).
(٣) هو علي بن عيسى بن علي بن عبد الله النحوي، أبو الحسن الرماني، إمام في اللغة والنحو، صنف كتبا كثيرة منها شرح كتاب سيبويه في سبعين مجلدا وكتاب الحدود ومعاني الحروف وشرح أصول ابن السراج، مات سنة ٣٨٤ هـ‍. تنظر ترجمته في: بغية الوعاة للسيوطي (٢/ ١٧٠)، البلغة في تراجم أئمة النحو واللغة للفيروزبادي (ص: ١٥٤) رقم (٢٤٠)، معجم الأدباء لياقوت الحموي (١٤/ ٧٣).
(٤) والمشهور في إعراب إن عصيت أنها شرط حذف جوابه؛ لدلالة ما قبله عليه، ولذلك جيء بفعل الشرط ماضيا، وهذه الجملة الشرطية فيها وجهان: أحدهما: أنها معترضة بين الفعل أخاف وبين مفعوله عذاب والثاني: أنها في محل نصب على الحال. قال أبو حيان: كأنه قيل: إني أخاف عاصيا ربي. وفيه نظر؛ إذ المعنى يأباه.
ينظر: البحر المحيط لأبي حيان (٤/ ٨٦)، الدر المصون للسمين الحلبي (٣/ ٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>