للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١١٠) وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلاّ أَنْ يَشاءَ اللهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ (١١١) وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ ما فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ (١١٢)}

و «لا» في {لا يُؤْمِنُونَ} زائدة، وقرئ إنّها بالكسر وتكون خبرا مستأنفا من جهة الله - تعالى - بذلك. وقيل: «لا» زائدة (١) في قوله «أنها» بالفتح (٢). و «أنّ» بمعنى لعل، تقول العرب: اذهب إلى السوق أنك تشتري لنا لحما، أي: لعلك (٣).

{وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ} كما قلبناها من قبل، فلم يؤمنوا بها. {وَنَذَرُهُمْ} نتركهم في مجاوزة الحد {يَعْمَهُونَ} يترددون. والعمه في البصيرة، والعمى: يستعمل في البصر والبصيرة. رد الله سبحانه على الذين أقسموا {لَئِنْ جاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِها} فقال:

القلوب بيد الله، وما يشعركم أنه يصرفها عن الحق، ولو جاءت الآيات المقترحة، فقال:

{وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ} كما زعموا في قوله: {لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ} (٤) وقوله:

(قبلا) من قرأها بكسر القاف فمعناها معاينة، ومن قرأ بضمها وضم الباء (٥) ففيها وجهان، أحدهما: أنه مأخوذ من القبيل وهو الكفيل. يقال: قبيل وضمين وكفيل وزعيم بمعنى.

والوجه الثاني: أن المراد قبيلته قبيله. وقيل: أراد مقابلة لما حصل إيمانكم. {إِلاّ أَنْ}


(١) هذا قول الفراء في معاني القرآن (١/ ٣٥٠)، وغلّطه الزجّاج في معاني القرآن (٢/ ٢٨٣).
(٢) قرأ ابن كثير وأبو عمرو بالكسر «إنها» واستجودها الخليل وغيره؛ لأن معناها إخبار بعدم إيمان من طبع على قلبه ولو جاءتهم كل آية. وقرأ عامة القراء بالفتح «أنها». تنظر القراءة في: إتحاف فضلاء البشر للبنا (٢/ ٢٦)، البحر المحيط لأبي حيان (٢٠٢، ٤/ ٢٠١)، حجة ابن خالويه (ص: ١٤٧)، حجة أبي علي الفارسي (٣٧٦، ٣/ ٣٧٥)، الدر المصون للسمين الحلبي (٣/ ١٥٤)، الكشاف للزمخشري (٢/ ٣٤)، النشر لابن الجزري (٢/ ٢٦١).
(٣) حكاها الخليل عن العرب. ينظر: الكتاب لسيبويه (٣/ ١٢٣).
(٤) سورة الأنعام، الآية (٨).
(٥) قرأ نافع وابن عامر وأبو جعفر من العشرة «قبلا»، وقرأ الباقون «قبلا». تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٤/ ٢٠٥)، الحجة لابن خالويه (ص: ١٤٨)، الحجة لأبي زرعة (ص: ٢٦٧)، الدر المصون للسمين الحلبي (٣/ ١٥٩)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٢٦٥)، الكشاف للزمخشري (٣٥/ ٢)، النشر لابن الجزري (٢٦١، ٢/ ٢٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>