والقدرة وعظم الملك، ولا يزيد الظالمين إلا خسارا. لما قال:{وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها} ببعثة الرسل شرع في قصص الأنبياء وما جاؤوا به من الإصلاح وما قابلهم به قومهم من العناد.
ولقد صرح بهذا في قصة شعيب حيث قال:{وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها}{الْمَلَأُ} الأشراف، وقد ذكر اشتقاقه في سورة البقرة (١) جعلوا نوحا منغمسا في الضلالة قد أحاطت به وصارت ظرفا له، وكما بالغوا في ذلك بالغ نوح في التبري، فأتى بالباء التي للإلصاق، فكأنه يقول: والله ما التصقت بي ضلالة قط ولا مسّتني. وأيضا نسبوه إلى الضلال، المصدر الذي يصلح للقليل والكثير، فبالغ نوح فقال: ما مستنى ضلالة واحدة، ويلزم من نفي المتعدد نفي الواحد، ومثله في قصة عاد، قالوا لهود:{إِنّا لَنَراكَ فِي سَفاهَةٍ}{قالَ يا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفاهَةٌ} أكفرتم وعجبتم من أن جاءكم ذكر بذكر وموعظة
(١) عند قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ الآية (٢٤٦).