للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (١) بالواو؛ لأن كونهم على هدى من ربهم وصف حالهم في الدنيا، {وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} وصف حالهم في الآخرة، فالوصفان متغايران، وأما هاهنا فتشبيه بالأنعام ووصف بالغفلة. وقوله: {أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ} تقوية لذلك المعنى الأول فلا معنى للعطف. {وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ} فيسمون اللات من تأنيث اسم الله والعزى من العزيز، ومناة من المنان، فيميلونها عن معانيها. واللحد في اللغة: الميل، ومنه لحد القبر، لكن لا يستعمل إلا في الشر، وكذلك الزيغ بخلاف الحنف، فإن أصله الميل، ولا يستعمل إلا في الخير. {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ} سننقلهم درجة بعد درجة بكثرة المال والأولاد والخصب. {وَأُمْلِي لَهُمْ} أمهلهم زمانا، والملاوة ومنه الملوان في الليل والنهار.

{ما بِصاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ} أي: جنون {وَأَنْ عَسى} أي: وفي أن عسى.

{مَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلا هادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١٨٦) يَسْئَلُونَكَ عَنِ السّاعَةِ أَيّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلاّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلاّ بَغْتَةً يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ (١٨٧) قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا إِلاّ ما شاءَ اللهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلاّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (١٨٨) هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها لِيَسْكُنَ إِلَيْها فَلَمّا تَغَشّاها حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللهَ رَبَّهُما لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشّاكِرِينَ (١٨٩) فَلَمّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما فَتَعالَى اللهُ عَمّا يُشْرِكُونَ (١٩٠) أَيُشْرِكُونَ ما لا يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ (١٩١) وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (١٩٢)}

قرئ {وَيَذَرُهُمْ} بالجزم عطفا على موضع الفاء في قوله: {فَلا هادِيَ لَهُ} وبالرفع (٢) عطفا على ما بعد الفاء؛ كقوله: {وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ} (٣) ومثله قوله: {وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ} {وَيُكَفِّرُ} (٤) {أَيّانَ مُرْساها} متى ثبوتها واستقرارها؟ ثقل علمها على أهل السماوات والأرض، فلا يعلمها أحد منهم. {كَأَنَّكَ}


(١) سورة البقرة، الآية (٥).
(٢) تقدم تخريجها في تفسير سورة البقرة، الآية (٢٧١).
(٣) سورة المائدة، الآية (٩٥).
(٤) سورة البقرة، الآية (٢٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>