للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (٢٣) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٢٤) وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (٢٥)}

{وَما} أوصلت المرمى {إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ} أوصله، وكان النبي صلّى الله عليه وسلم قد أخذها من حصى وتراب، فرمى بها إلى ناحية القوم، فامتلأت أعين جميع المشركين ترابا ورملا، وأعان ذلك على انهزامهم.

البلاء يكون في الخير؛ لقوله: {بَلاءً حَسَناً} {وَأَنَّ اللهَ مُوهِنُ} (١) أي: مضعف.

روي أن أبا جهل قال يوم بدر: «اللهم انصر أهدى الحزبين، وأعلى الفئتين» فدعا على نفسه وجماعته (٢).

وقوله: {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا} إن تستنصروا، أي: فقد جاءكم النصر عليكم لا لكم. {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ} شر ما دبّ على الأرض حتى يدخل الكافر، فهو بالنظر إلى أصل الوضع حقيقة في الكافر، ولكن في عرف الاستعمال بما يحمل (٦٦ /أ) على بعض ذوات الأربع، كما لو حلف لا يركب دابة فركب كافرا لم يحنث، وكما لو حلف لا يجلس في ضوء سراج لم يحنث بالجلوس في الشمس، وقال الله - تعالى: {وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً} (٣) ولا يقعد على


(١) قرأ «موهن» بالتنوين مع الرفع ابن عامر وحمزة والكسائي، وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو «موهن» بالتنوين مع تشديد الهاء، وقرأ حفص عن عاصم «موهن» بالإضافة.
تنظر القراءات في: البحر المحيط لأبي حيان (٤/ ٤٧٦)، حجة ابن زنجلة (ص: ٣٠٩)، الدر المصون للسمين الحلبي (٣/ ٤٠٩)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٣٠٥)، الكشاف للزمخشري (٢/ ٢٠٨).
(٢) رواه الطبري في تفسيره (٩/ ٢٠٧ - ٢٠٩) عن غير واحد أن أبا جهل قال يوم بدر: «اللهم انصر أحب الدينين إليك ديننا العتيق أم دينهم الحديث» فأنزل الله إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ وروى الحاكم في المستدرك على الصحيحين (٢/ ٣٥٧) أن أبا جهل قال حين التقي القوم: «اللهم أينا كان أقطع للرحم وآتانا بما لا نعرف فأحنه الغداة» فكان ذلك استفتاحه فأنزل الله إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ إلى قوله: وَأَنَّ اللهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وأحنه: أهلكه، من حانت النفس: إذا هلكت والحين - بالفتح -: الهلاك.
ينظر: لسان العرب (حين).
(٣) سورة نوح، الآية (١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>