للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كانت الأشهر الحرم ثلاثة سرد وواحد فرد، ولكن كانوا إذا احتاجوا إلى تحليل شهر من الأشهر الحرم، جاءوا إلى رجل منهم معروف، فيحلل المحرم مثلا، ويجعل مكانه صفر محرّما، لتبقى الأشهر الحرم أربعة كما كانت، فحافظوا على عدد الأربعة، ولكنهم أحلوا ما حرم الله وهو المحرم في مثالنا هذا، وحرموا ما أحله الله وهو صفر، وهذا النسيء. والنسيء: التأخير، فنزلت {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ} (١).

{لِيُواطِؤُا} ليوافقوا {عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللهُ} وهي الأربعة {فَيُحِلُّوا ما حَرَّمَ اللهُ} وهو المحرم. كانوا إذا دعوا إلى الجهاد اعتذر كثير من المنافقين وغيرهم بأعذار ضعيفة {أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا} بدلا {مِنَ الْآخِرَةِ فَما مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا فِي} جنب {الْآخِرَةِ إِلاّ قَلِيلٌ} ثم هدد على ترك النصرة بقوله: {وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ} أي: يستبدل بكم ثم هدد على ترك النصرة بقوله: {إِلاّ تَنْصُرُوهُ} وجواب الشرط محذوف، التقدير: إلا تنصروه ينصره الله كما فعل {إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} أي: ألجئوه إلى الخروج، ولم يباشروا إخراجه {ثانِيَ اثْنَيْنِ} أي: أحد اثنين {إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ} من أنكر صحبة أبي بكر فقد كفر؛ لقوله تعالى: {إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ} (٢).

{وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيا} كلام مستأنف، فلذلك رفع بالابتداء، ولو نصب لكان جعل كلمة الله عليا معلقا بالشرط، وهو أمر حاصل مستقر.

{اِنْفِرُوا خِفافاً وَثِقالاً وَجاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٤١) لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قاصِداً لاتَّبَعُوكَ وَلكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (٤٢) عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكاذِبِينَ (٤٣) لا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (٤٤)} {إِنَّما يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ}


(١) رواه الطبري في تفسيره (١٠/ ١٣٠).
(٢) قال العلامة ابن حجر الهيثمي: "أجمع المسلمون على أن المراد بالصاحب هنا أبو بكر ومن ثم من أنكر صحبته كفر إجماعا". ينظر كلامه في كتابه: الصواعق المحرقة على أهل الرفض والضلال والزندقة (١/ ١٩٠) ط. مؤسسة الرسالة - بيروت - الطبعة الأولى، ١٩٩٧ - تحقيق: عبد الرحمن بن عبد الله التركي وكامل محمد الخراط.

<<  <  ج: ص:  >  >>