للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الرب): السيد أو المالك أو المصلح؛ يقال: رب الأديم: إذا أصلحه أو من التربية.

{الْعالَمِينَ}: قيل إنه من كل موجود سوى الله تعالى (١).


= أفادتكم النعماء مني ثلاثة ... يدي ولساني والضمير المحبجا
فيكون بين الحمد والشكر عموم وخصوص؛ إذ الشكر أعم من الحمد متعلقا؛ لتعلق الشكر باللسان والجنان والأركان، في حين يتعلق الحمد باللسان فقط، ويكون الشكر أخص من الحمد سببا؛ لأن سبب الشكر نعمة مسداة إلى الشاكر لا إلى غيره، بينما سبب الحمد نعمة مسداة إلى الحامد أو إلى غيره. وهذا هو العموم والخصوص الوجهي.
وقيل: إن الحمد: هو الثناء على الجميل الاختياري بقصد التعظيم سواء أسدي الجميل إلى الحامد أو إلى غيره. أما الشكر: فلا يكون إلاّ على جميل مسدى إلى الشاكر.
الثاني: قيل: بينهما عموم وخصوص مطلق؛ فالحمد هو الثناء على الله - تعالى - بالفضيلة.
وقالوا: المدح أعم من الحمد وهو - أي الحمد - أعم من الشكر؛ إذ المدح يقال فيما يكون من الإنسان باختياره وبغير اختياره، فقد يمدح الإنسان بطول قامته وصباحة وجهه، كما يمدح ببذله ماله وشجاعته وعلمه. أما الحمد فيكون فيما يكون من الإنسان باختياره سواء وصلت النعمة إلى الحامد أو إلى غيره. والشكر يكون في مقابلة نعمة وصلت إلى الشاكر لا إلى غيره، فكلّ شكر حمد، وليس كلّ حمد شكرا، وكلّ حمد مدح وليس كلّ مدح حمدا. وهذا هو العموم والخصوص المطلق.
وقيل: الحمد مقلوب من المدح، وينقل هذا عن ثعلب، وليس بسديد؛ فقد أورد عليه أن المقلوب أقل استعمالا من المقلوب منه. وهذان مستويان في الاستعمال، فليس ادعاء قلب أحدهما من الآخر أولى من العكس فكانا مادتين مستقلتين بينهما عموم وخصوص مطلق، كما سبق بيانه. وأيضا فإنه يمتنع إطلاق المدح حيث يجوز إطلاق الحمد، فلا يقال: مدحت الله، ويقال: حمدت الله. فلو كان مقلوبا منه لما امتنع ذلك.
الثالث: قيل: بين الحمد والشكر مباينة، فالحمد هو الثناء على الله - تعالى - بأوصافه بما لا اختيار فيه.
والشكر: هو الثناء على الله - تعالى - بأوصافه.
وينظر في ذلك: تفسير ابن جرير الطبري (١/ ٦٠) ط، دار الفكر، بيروت، ١٤٠٥ هـ‍، تفسير ابن كثير (٢٣، ١/ ٢٢) ط، مكتبة مصر الفجالة، القاهرة، الدر المصون للسمين الحلبي (١/ ٦٣) ط دار الكتب العلمية، بيروت، ١٩٩٤ م، تحقيق: على محمد معوض وآخرون.
(١) عاقلا أو غير عاقل، فيصح أن يكون «عالمون» جمع عالم جمع سلامة؛ لأن العالم يطلق على ما سوى الله - تعالى - سواء كان عاقلا أو غير عاقل، فيكون الجمع قد جرى على مفرده، وهذا ظاهر كلام الراغب، وصححه السمين الحلبي. ينظر: الدر المصون للسمين الحلبي (١/ ٦٨)، معجم ألفاظ القرآن الكريم للراغب الأصفهاني (ص: ٣٥٧) ط. دار المعرفة، بيروت، تحقيق: محمد سيد كيلاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>