للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

- تعالى - لا يخفى عليه شيء في السماوات ولا في الأرض (١)، وقد جاء نسبته إلى الله مجازا في قراءة حمزة (٢) {بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ} (٣) بضم التاء (٩٠ /ب) وفي قوله: {فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النّارِ} (٤). {قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ} (٥) التقدير: حلوا محل من يتعجب؛ كقوله:


(١) مذهب أهل الحق من السلف الصالح ومن تبعهم بإحسان من الخلف في مثل هذه الصفات التي أخبر الله - تعالى - بها عن نفسه، أو أخبر عنها رسوله صلّى الله عليه وسلم: إمرار هذه الصفات كما أتت من غير تكييف ولا تعطيل، ومن غير تشبيه ولا تمثيل، فهو - سبحانه - ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. وقد ورد في أكثر من حديث في صحاح كتب السنة إثبات صفة العجب لله - تعالى - ومنها: ما رواه البخاري في صحيحه رقم (٣٠١٤٠)، وأبو داود رقم (٢٦٧٧) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: "عجب الله من قوم يدخلون الجنة في السلاسل". وروى أحمد في المسند (٤/ ١٥٨) وأبو داود رقم (١٢٠٣)، وابن حبان رقم (١٦٦٠) عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: "يعجب ربك من راعي غنم في رأس الشظية للجبل، يؤذن للصلاة ويصلي فيقول الله: انظروا إلى عبدي هذا يؤذن ويقيم الصلاة، يخاف مني، قد غفرت لعبدي وأدخلته الجنة". كما روى أحمد أيضا في مسنده (١/ ٤١٦)، وأبو داود رقم (٢٥٣٦)، وابن حبان رقم (٢٥٥٧)، والحاكم في المستدرك (٢/ ١١٢) عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: "عجب ربنا من رجلين؛ رجل ثار من وطأته ولحافه من بين حبه وأهله إلى الصلاة، فيقول الله - جل وعلا: انظروا إلى عبدي ثار من فراشه ووطأته من بين حبه وأهله إلى صلاته؛ رغبة فيما عندي، وشفقة مما عندي، ورجل غزا في سبيل الله فانهزم الناس وعلم ما عليه في الانهزام، وماله في الرجوع، فرجع حتى أهريق دمه، فيقول الله لملائكته: انظروا إلى عبدي رجع رجاء فيما عندي وشفقة مما عندي حتى أهريق دمه". وهناك أحاديث كثيرة في هذا الباب، والصواب - وهو مذهب السلف الصالح وما عليه أئمة المسلمين -: الإيمان بهذه الصفات وإثباتها لله - تعالى - على مراد الله - تعالى - ونسأل الله - تعالى - أن يهدينا والمسلمين إلى الفهم الصحيح والعقيدة النقية الصافية.
(٢) هو حمزة بن حبيب بن عمارة بن إسماعيل الإمام القدوة شيخ القراء أبو عمارة التيمي الكوفي الزيات، كان إماما قيما لكتاب الله قانتا لله كثير الورع رفيع الذكر عالما بالحديث والفرائض. توفي سنة ست وخمسين ومائة، وكان من الأئمة العاملين. تنظر ترجمته في: سير أعلام النبلاء للذهبي (٧/ ٩٠ - ٩٢).
(٣) سورة الصافات، الآية (١٢) وهذه قراءة حمزة والكسائي وخلف، وقرأ باقي العشرة بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ. تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٧/ ٣٥٤)، حجة ابن خالويه (ص: ٣٠١)، حجة أبي زرعة (ص: ٦٠٦)، الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ٤٩٧)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٥٤٧)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٣٣٧)، النشر لابن الجزري (٢/ ٣٥٦).
(٤) سورة البقرة، الآية (١٧٥).
(٥) سورة عبس، الآية (١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>